أوقفت جامعة مينيسوتا عمليّة توظيف بروفيسور يهوديّ ـــ يحمل الجنسية الإسرائيليّة ـــ لمنصب رئيس «مركز دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعيّة» في الجامعة المرموقة بعد الكشف عن نشره مقالةً في مجلّة يهودية تقدميّة وصف فيها الحرب الإسرائيلية على غزّة بـ «حالة كلاسيكية من الإبادة الجماعيّة». وقال صحافيون يهود في الولايات المتحدة بأنّ القرار جاء على خلفية استقالة أستاذتين من أعضاء المجلس الاستشاري للمركز احتجاجاً على الشروع بتعيين البروفيسور راز سيغال، الأستاذ في جامعة «ستوكتون» في نيو جيرسي، بدعوى أنّه «يتخذ مواقف فكرية تجعله غير لائق بالمنصب»، إلى جانب ضغوط موازية من اللوبي الصهيوني في ولاية مينيسوتا، الذي أرسل عشرات من أنصاره رسائل بالبريد الإلكترونيّ إلى رئاسة الجامعة زعموا فيها «أن تسليم إدارة «مركز دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعيّة» إلى سيغال سيؤدي إلى تدهور شديد في النزاهة الأكاديمية للمركز».

وبعثت كارين بينتر رسالة استقالة عبر البريد الإلكتروني إلى العميدة راشيل كروسون، والرئيس المؤقت جيف إيتينجر قالت فيها إنّ سيغال «وضع نفسه في نهاية متطرّفة من الطيف السياسي والأيديولوجي عبر منشوراته عن «إسرائيل» وغزة، بما في ذلك مقال اتهم فيه إسرائيل بالإبادة الجماعية بعد أسبوع من هجمات 7 أكتوبر «الإرهابية»». وكتبت: «إنّ منصب مدير «مركز دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعيّة»، لا ينبغي أن يشغله فرد مرتبط علناً بمواقف متطرّفة بشأن حرب الشرق الأوسط الحالية. نحن بحاجة إلى مدير مركز يقرّب مجتمعنا معاً لفهم كيفية حدوث الهولوكوست والإبادات الجماعية الأخرى، وليس شخصاً يلوم «إسرائيل» على اغتصاب وقتل 1,200 مدني وخطف مئات آخرين».
وقد سارع الرئيس المؤقت للجامعة، إيتنجر، إلى الإعلان يوم الاثنين الماضي، عن إيقاف عمليّة توظيف مديرٍ لمركز دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية «لإتاحة الفرصة للجامعة بتحديد الخطوات التالية» بعدما شارك أعضاء آخرون من مجتمع الجامعة ومن الولاية «بوجهات نظرهم حول عمليّة التوظيف»، وأنّه «بالنظر إلى الدور المجتمعي والقيادي الذي يلعبه المركز، فمن المهم الاستماع إلى هذه الأصوات باهتمام».
ويجادل سيغال بأنّ الهولوكوست ليس حالة فريدة من نوعها، وأنّ ثمة إبادات جماعيّة أخرى، ذاهباً إلى اعتبار الدّولة العبرية مذنبة بارتكاب إبادة جماعيّة في غزة. وكتب يقول في المقالة التي نشرتها مجلة «تيارات يهوديّة» وتسبّبت في إيقاف تعيينه: «يمكن أيضاً فهم الهجوم على غزة بعبارات أخرى: كحالة كلاسيكية للإبادة الجماعية، تتكشّف أمام أعيننا». وهو تجرّأ ودافع عن المخيمات الاحتجاجية التي أقامها طلاب جامعات أميركية، رغم تقليله من أهميتها، قائلاً إنّ محاولات وصمها بمزاعم معاداة السامية «لا أساس لها من الصحة». كما شارك في كتابة مقالة وصفت إسرائيل بأنها قوة «استعمارية استيطانية».
وجاءت اعتراضات كثيرين على تعيين سيغال من أجواء «مركز التجربة الأميركية» اليميني المحافظ في منيسوتا الذي كان قد استضاف للتوّ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت كمتحدث رئيسي في احتفال جمع التبرعات السنوي للمنظمة في قلب مدينة مينيابوليس. وكتب بعضهم: «إنه لأمر محزن جداً أن نرى قسم دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية بقيادة داعية معادٍ لإسرائيل، بدلاً من باحث كبير في تاريخ القضاء على يهود أوروبا».
ولم يعلّق البروفيسور سيغال على الأمر حتى الآن، لكنّ عدداً من المثقّفين من بينهم يهود عبّروا عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن دفاعهم عنه، وقلقهم من حالة تصهين بواح تغرق فيها الأكاديميا الأميركيّة التي لم تعد توفر لا يهوداً ولا حتى إسرائيليين بين ضحاياها.