الغوص في كتاب The Human-Machine Team: How to Create Synergy Between Human and Artificial Intelligence That Will Revolutionize Our World، يوضح لنا أن يوسي سارييل يتملّكه هوسان: الذكاء الاصطناعي في العسكر، و«حزب الله». جاء في الصفحة 39 من النسخة الرقمية من الكتاب، نموذج متخيّل لسيناريو عن «الأمن القومي» في عام 2035، ذكر فيه: «مرحباً بكم في عام 2035. لدى «حزب الله» الآن أكثر من 200 ألف صاروخ، بما في ذلك مئات الصواريخ الموجّهة... كما أنّه طوّر نظام ذكاء اصطناعي لتمكين نظام القيادة والسيطرة الخاص به، ويمكن استخدامه بفعالية مع كل صواريخهم وقذائفهم. وبعدما اكتشفت إسرائيل ودمرت الأنفاق التي حفرها «حزب الله» على طول الحدود الاسرائيلية ــ اللبنانية، سلّح التنظيم نفسه بأكثر من ألف طائرة من دون طيار تعمل بالذكاء الاصطناعي قادرة على اختراق الأراضي الإسرائيلية». وينتهي نموذج سارييل بوصول «حزب الله» إلى اعتقاد بإمكانية تحقيق هدف القضاء على إسرائيل.
قبل الكشف عن هوية سارييل، كان يؤخذ على قوات الاحتلال احتضانها الأعمى للتكنولوجيا واعتمادها على التقنية، ولا سيّما أنظمة المراقبة والذكاء الاصطناعي بدلاً من البشر. واتُهمت الوحدة 8200 بالتوقف عن الاستماع إلى أجهزة الراديو المحمولة التابعة لحركة «حماس» في عام 2022، معتبرة أن ذلك «مضيعة للوقت»، وفقاً لمقال نشره موقع jns.org. واعتمدت استخبارات العدوّ على أنظمة ذكاء اصطناعي حلّلت بيانات كبرى تتعلق بالفلسطينيين جمعتها أجهزة الرصد والمراقبة بكل أنواعها. ثم أنتجت أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل The gospel (الأخبار 4/12/2023)، إضافة إلى نظام «لافندر» الذي كشفت عنه مجلة 972 العبرية في 3 نيسان (أبريل) الحالي ووضع قائمة اغتيال بأكثر من 37 ألف فلسطيني داخل غزة، حاولت طائرات الاحتلال استهدافهم مع عائلاتهم خلال حرب الإبادة والتطهير العرقي الجارية في القطاع.
ويتحدّث الكتاب عن دمج العمليات الاستخباراتية والحربية عبر ربط المعلومات الاستخبارية مباشرة بالجنود في الميدان باستخدام الـ AI، ثم بناء «آلة تصنع الأهداف» بشكل فعال مستفيدة من كميات هائلة من البيانات الكبرى، بما في ذلك بيانات الاتصالات والسوشال ميديا والصور وبيانات الموقع الجغرافي... وتُستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي المعقّدة لتحليل كل هذه البيانات ووضع تنبؤات تخلق تلقائياً أهدافاً عسكرية محتملة.
ووفقاً لـ «ذا غارديان»، يبدو أنّ قوات الاحتلال تبنّت رؤية سارييل بالكامل، حيث استخدمت الذكاء الاصطناعي لإنجاز المهام المتزايدة التعقيد في غزة على مدى الأشهر الستة الماضية، وخصوصاً أن كتاب سارييل بشّر بمفهوم «الآلة التي تصنع الأهداف» التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. واعتبرت الصحيفة البريطانية أنّ كتاباً مماثلاً يعكس طموح يوسي بأن يصبح «مفكراً» في مجال الاستخبارات العسكرية والتكنولوجيا، وأن ترقيته إلى قائد الوحدة 8200 تُعتبر تأييداً من المؤسسة العسكرية لرؤيته التكنولوجية (من هنا نفهم أهمية نوع الضربات التي توجهها المقاومة اللبنانية). لكن بحسب «ذا غارديان»، أتى الكشف عن سارييل في وقت صعب بالنسبة إلى رئيس الاستخبارات الإلكترونية، وخصوصاً أنّه في شباط (فبراير) الماضي، تعرّض للتدقيق العام في كيان الاحتلال عندما نشرت صحيفة «معاريف» العبرية تقريراً عن الاتهامات المتبادلة داخل الوحدة 8200 في أعقاب عملية «طوفان الأقصى». ونُقل عن سارييل نفسه قوله لزملائه إن ذكرى 7 أكتوبر «ستطارده» حتى يومه الأخير، متقبّلاً المسؤولية ومعترفاً بالهزيمة.