نظرة قسم كبير من الصهاينة للفلسطينيين على أنهم حيوانات لم تعد أمراً صادماً، خصوصاً أنهم يجاهرون بآرائهم علناً من دون أي رادع، ولو من باب التمويه والتستر أمام الرأي العام العالمي. وهذه النظرة الدونية للشعب الفلسطيني وإعتباره فصيلاً غير بشري ليست محصورة بالمستويين السياسي والعسكري اللذين عبّرا صراحة عن رأيهما بالفلسطينيين تمهيداً لابادتهم، بل هي قناعة راسخة عند شرائح واسعة من الصهاينة، وهو ما يعزز الأدلة التي ساقتها جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدوليّة التي تستند في جزء منها إلى هذه التصريحات لتبرهن أن عقلية الإبادة الجماعيّة باتت سياسة قائمة في الكيان الصهيوني ومتجذرة في «المجتمع» وليست مجرد تصاريح منفصلة ناجمة عن ردة فعل عصبيّة. أحدث فصول التوحش الفكري الصهيوني كانت بطلته الممثلة الإسرائيلية ومقدمة البرامج السابقة تزوفيت غرانت Tzufit Grant (مواليد عام 1964)، خلال حوار تلفزيوني على القناة 13 الإسرائيلية. خلال الحوار، تصف غرانت الفلسطينيين بـ «حثالة الأرض، كذابون، متذمرون، مثيرون للإشمئزاز، خاسرون نتنون، مقيتون، يمشون بالنعال. فعلاً مقيتون».
وصف غرانت للفلسطينيين، لاقى دعماً وتأكيداً من مقدم البرنامج الذي أثنى على كلامها بالقول «بالتأكيد، إنني موافق».
خراء غرانت الفكري لم يتوقف عند هذا الحد. فهي مقتنعة بأن ما تنطق به حقائق علميّة غير قابلة للنقاش ولا للجدل. تسترسل بالتعبير بأنه «لا شيء بشرياً عند الفلسطينيين. ومن المذهل كيف أن العالم غير قادر على رؤية هذا الأمر».
وفي هذه اللحظة نصل إلى ذروة العصف الفكري والغوص العميق في العقل الإجرامي لغرانت والمقدم. فهذا الأخير ينتفض مذهولاً، يضع يديه على رأسه، ويترنح نحو كرسيه إلى الوراء، ليعبر عن صدمته كيف أن هذه الحقائق التي تتفوه بها غرانت لا يراها باقي البشر. فيسألها مستغرباً: «كيف تفسرين هذا الأمر؟ هناك أشخاص أذكياء حول العالم»، لتجيبه بموضوعية بأنها «لا تعلم كيف تشرح المسألة». أي كيف لا يزال هنالك من يعتبر الفلسطينيين بشراً حول العالم. منطق يشبه تماماً المنطق النازي الذي برّر، تحت هذه الحجة، إبادته لليهود.
وغرانت والمقدم، كلاهما غاضبان من الإسرائيليين الآخرين الذين يطالبون بوقف الإبادة في غزة. «وهذا ما يفقدني عقلي» بحسب المقدم، لترد عليه غرانت، «نعم هذه التصرفات تزعجني». آسفون على الإزعاج!