لم يكد ينتشر أمس الخميس خبر منع الصحافية الكويتية فجر السعيد من الدخول إلى الأراضي اللبنانية في مطار بيروت الدولي مساء الأربعاء، حتى هبّت كلّ ما هنالك من وسائل إعلامية وصفحات وبعض الجهات السياسية لاستنكار الأمر بطريقة مفتعلة ومضخّمة وخبيثة، فيخيّل للمرء أنّه تمّ خطف السعيد أو حبسها!هكذا، راحت غالبية الوسائل الإعلامية المرئية والمكتوبة تستنكر ما حصل وتعتبره «تعدّياً على حرّية الصحافة» و«حرّية الرأي» وغيرهما من العبارات بما فيها عبارات محتقرة لبلدهم، وجلّ ما في الموضوع أنّ الأمن العام نفّذ القانون كما يحصل في أيّ مطار في العالم، وكما تطالب هذه الوسائل نفسها طوال الوقت! أُخذ الموضوع في غير منحاه؛ كيف لا وهناك فرصة «شهيّة» لا يمكن تفويتها للتصويب على «حزب الله»؟ هذه الوسائل التي لا يرفّ لها جفن على خطف صحافيّين حول العالم بمَن فيهم لبنانيّون، ولا على قتل قوّات الاحتلال للصحافيّين الفلسطينيّين، ولا حتى على احتجاز مدنيّين لبنانيّين في الخارج وصولاً حتى قتلهم، باتت فجأة «حريصة» على حقوق الصحافيّين، رغم أنّ السعيد تلقّت معاملة جيّدة باعتراف الوسائل نفسها!
وكانت السعيد ادّعت على صفحاتها على مواقع التواصل أنّ سبب توقيفها كان آراءها السياسية. هي معروفة بمهاجمة الحكومة اللبنانية وأفرقاء لبنانيّين ولا سيّما «حزب الله»، وهو ما فتح الباب أمام الوسائل لاستغلال الأمر في الهجوم على الحزب واتّهامه بـ«استخدام المؤسّسات للردّ على دول الخليج»، رغم أنّ صحافيّين ونشطاء لبنانيّين يشتمون الحزب ليل نهار ويسكنون بيروت وضاحيتها الجنوبية من دون أن يقترب منهم أحد! سرعان ما تبيّن أنّ سبب منع السعيد من الدخول كان وجود إشارة إسرائيلية على جواز سفرها ما يخالف القوانين اللبنانية، فقرّرت بعض الوسائل تصحيح خطئها فيما استمرّت أخرى في حملاتها المزايِدة وكأنّ شيئاً لم يكن؛ فمستلزمات المازوخية والتحريض تقتضي نشر الأخبار الكاذبة لرَي ظمأ العقول الصغيرة المتعطّشة للحقد. أثبتت الوسائل المذكورة أنّ «تطبيع التطبيع» مستمرّ رغماً عن أنف الجميع، طالما أنّ ليس هناك ما يردعها عن مخالفة القوانين.