لا تبتعد السياسة وزواربيها عن إعلانات شركة «زين» للإتصالات الخليجية في رمضان. فقد دأبت الشركة موسمياً على إقحام القضايا السياسية الراهنة وبعث الرسائل في هذا المجال مع الإستعانة بوجوه فنية معروفة. فبعد تناولها قضية «التنوع الديني» (2015) عبر كليب غنائي شارك فيه كل من نجوى كرم وشيرين عبد الوهاب، وتعريجها على قضية سلسلة تفجيرات «داعش» (2017)، وظواهر التكفير، وتشويه الإسلام، وصولاً الى التعريج على قضايا المهاجرين في البحر نحو أوروبا... ها هي تطرح اليوم كليباً جديداً في شهر الصوم. الشريط الذي يمتد على ثلاث دقائق تشارك فيه الممثلة نادين نجيم، التي أعادت في بدايته إعادة تمثيل ما حصل معها إبان تفجير المرفأ، وإصابتها وقتها. يركز الشريط المعنون «مكتوبة علينا مكتوبة» على ظواهر التنمر بحق الأطفال، والحوادث التي يتعرضون لها، سيما مع غرق الطفل ريان في المغرب، وعلى التمييز العرقي والديني بحق اللاجئين والمحجبات. واللافت وسط هذه القضايا، مشهد يظهر عائلة (لم تكشف هويتها) تتفرج بأسى على تهديم إحدى الجرافات لمنزلها، وسط ترداد عبارة «جرافة لا تهدف حقاً ولا تقلع قلباً بجذوره». إذ نعود هنا، لنرى هذه العائلة مجتمعة على ركام منزلها، والى جانبها عبارة «محو الهوية». مشهد يحيلنا ببساطة الى ما يحصل في فلسطين من تهديم للمنازل واقتلاع أهاليها من أراضيهم، لكن الإعلان يصرّ على عدم الإشارة اليها، ليتركها متوارية خلف شعار فضفاض يتعلق بمحاربة كل ما يتعرض له الإنسان من ظلم وتهديد. تغييب فلسطين ليس بالأمر المستغرب على الإعلان السعودي.
مع حفلات التطبيع المتكررة، هو يعمل على طمسها بشكل نهائي وعلى كل ما يتعلق بها من إدانة للإحتلال الإسرائيلي. تبقى المفارقة أن الشركة الخليجية نفسها، وتحديداً عام 2018، طرحت إعلاناً فاق عدد مشاهديه الـ56 مليوناً، ويتناول الصراعات العسكرية والسياسية في العالم، وينتهي بتحرير طفل صغير فتاةً فلسطينية من الأسر وعند اجتماع لمجموعة من العرب حول «قبة الصخرة» مرددين «سنفطر في القدس». ويبدو أن هذا المشهد لن يتكرر بدوره مع المسار التطبيعي لدول الخليج الذي يعمل على طمس جرائم الإحتلال والتمجيد بالأخير وإضاعة الحق الفلسطيني.