كما كان متوقعاً، فإنّ الصورة السوداوية التي تحدّثت عنها بعض المصادر أمس لـ «الأخبار»، على إثر التهم التي وجهتها قناة «دويتشه فيله»(DW) الألمانية الناطقة بالعربية، لخمسة موظفين وبعض القنوات، بـ «معاداة السامية»، قد أصبحت واقعاً. فقد أعلن المدير العام لـ DW بيتر ليمبورغ في مؤتمر صحافي أقيم اليوم عن بُعد، عن فصل جميع الموظفين بدعوى «معاداة السامية»! قرار الفصل جاء بناءً على نتائج قدمتها لجنة التحقيق التي تألفت من وزيرة العدل الألمانية السابقة زابينه لويتهويزر شنارنبرغر، والاختصاصي النفسي الفلسطيني أحمد منصور. تهمة «معاداة السامية» شمّاعة استخدمتها القناة بعدما ذكرت الصحف الالمانية تقارير عن موظفين في الشبكة ومحللين سياسيين وقنوات، سجلوا موقفاً مناصراً للقضية الفلسطينية ضد العدو الاسرائيلي. والصحافيون الخمسة هم: مدير مكتب القناة في بيروت باسل العريضي، وداوود ابراهيم، ومرهف محمود، ومرام سالم (شحاتيت)، وفرح مرقة. كذلك تواجه التهم مجموعة قنوات عربية ولبنانية، من بينها «الجديد» اللبنانية و«رؤيا» الاردنية.
في هذا السياق، تلقّت فرح مرقة صباحاً اتصالاً يبلغها بفكّ تعاقدها مع المحطة الالمانية الناطقة بالعربية، كاشفة عن تلك الخطوة في تغريدة على تويتر. لم تكن مرقة الوحيدة التي كانت تنتظر القرار النهائي، بل إن الامر تبعه اتصال مع زملائها الآخرين. وكان مدير مكتب DW في بيروت باسل العريضي آخر من تبلّغ قرار فصله وإنهاء خدمته مع الشبكة الالمانية.
في هذا الاطار، تلفت مصادر لـ «الأخبار» إلى أنّ مدير المحطة بيتر ليمبورغ أعلن عن اتخاذ مجموعة من الاجراءات، منها «إجبار الموظفين على محاربة العداء للسامية والاعتراف بحق اسرائيل في الوجود». كما أوضح المدير أن «المحطة ستعتمد فريقاً من الخبراء في رئاسة التحرير، مهمته محاربة العداء للسامية والتأكيد على حق اسرائيل في الوجود». وكشف ليمبورغ أن القناة ستقوم بتوسيع عمل مكتب القدس وتفعيله للحصول على المزيد من التقارير من هناك لايصال «صورة معتدلة وحقيقية عما يجري هناك» بحسب تعبيره.
ولفت ليمبورغ إلى أن القائمين على القناة، قد تأكدوا بعد دراسة ملفات الصحافيين الخمسة، بأن «أن هناك توجهاً لدى الصحافيين بمعاداة للسامية، وصولاً الى نكران المحرقة والتشكيك في حق اسرائيل في الوجود. لذا فان تجميد العمل معهم كان قراراً صائباً وينصح بوقف التعامل معهم».
في المقابل، أعلن بيتر ليمبورغ عن إستقالة مدير قسم الشرق الاوسط ناصر شروف. وتوضح المصادر أن تلك الاستقالة جاءت على خلفية طرد الموظفين، خاصة أن قرار الصرف قد تفرّدت به الادارة من دون إستشارة أي مدراء.
على الضفة نفسها، تحدث خلال المؤتمر أحمد منصور العضو في لجنة التحكيم المشرفة على التحقيق، عن توصيات بالتركيز على «موضوع العداء للسامية في برامج القسم العربي خلال العامين القادمين عبر برامج حوارية وتقارير اخبارية وافلام وثائقية، كما توعية العاملين في القسم العربي بأهمية هذا الموضوع عبر دورات تدريبية وورش عمل».
هكذا، أقدمت قناة DW على ما يشبه «مجزرة إعلامية» بحق صحافيين وقنوات، «تهمتهم» الوحيدة أنّهم أعربوا عن موقف مؤيد للقضية الفلسطينية ضد العدو الاسرائيلي.