لم تكن نهاية 2021 عادية على بعض العاملين أو المتعاقدين مع «دويتشه فيله» (DW) الألمانية الناطقة بالعربية. فالقناة التي ترفع شعار «الحرية»، كانت قد قرّرت تجميد عمل مجموعة من الصحافيين العرب، ملصقة بهم التهمة الجاهزة والشمّاعة التي تُستخدم لملاحقة المدافعين عن فلسطين: «معاداة السامية»! في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، نشرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية، مقالاً اتهمت فيه مجموعة من الإعلاميّين، من بينهم خمسة عرب (مدير مكتب بيروت لقناة «دويتشه فيله» باسل العريضي، وداوود ابراهيم، ومرهف محمود، ومرام مرقة (مرام شحاتيت)، وفرح سالم)، يعملون في DW بـ «معاداة السامية»، بناءً على تعليقات على صفحاتهم الافتراضية أو مقالات نشروها (يعود بعضها إلى أكثر من 10 سنوات)، تصبّ كلّها في خانة مهاجمة الاحتلال الإسرائيلي والدفاع والتضامن مع فلسطين. الأمر الذي أفضى إلى توقيف العمل مع الصحافيين الخمسة، إلى حين صدور قرار اللجنة التي تشكّلت من وزيرة العدل الألمانية السابقة زابينه لويتهويزر شنارنبرغر، والاختصاصي النفسي الفلسطيني أحمد منصور.لاحقاً، كرّت السبحة، ووصل الأمر بالقناة إلى حدّ وضع أسماء على اللائحة السوداء مانعةً استضافتهم في برامجها، على رأسهم الفلسطيني عبد الباري عطوان، قبل أن تشمل القائمة قنوات عربية ولبنانية أُلصقت بها تهمة «معاداة الإنسانية» من بينها «الجديد» اللبنانية و«رؤيا» الأردنية... أما الذرائع، فواضحة ومتوقّعة: تسليط الضوء على الجرائم الإسرائيلية والتركيز على المقاومة وبعض الشهداء (سمير القنطار مثلاً).
وفي كانون الأوّل (ديسمبر) الماضي، نُشرت مقالات في وسائل إعلام ألمانية عدّة، نبشت تعليقات وتغريدات ومقالات وتقارير قديمة، لموظفي «الجديد» و«رؤيا»، عبّروا فيها عن مساندتهم للقضية الفلسطينة والعداء لـ «إسرائيل». هكذا، تجنّدت الصحافة الألمانية لتفنيد هذا المحتوى، وخاضت في أدقّ تفاصيل مواقف تعود إلى سنوات مضت.
وبعد مرور حوالي شهرين على تلك القضية، يبدو أنّ القرار النهائي سيصدر غداً الإثنين. إذ نشرت DW على موقعها الإلكتروني قبل ساعات، خبراً أعلنت من خلاله أنّ مديرها العام بيتر ليمبورغ وعضويي لجنة الخبراء، سيقدّمون ظهر غدٍ معلومات عن نتائج التحقيق في مزاعم «معاداة السامية» ضد موظّفي «دويتشه فيله» وشركاء التوزيع. وفي سبيل هذه الغاية، سيُعقد مؤتمر صحافي عن بُعد، لكشف النتائج النهائية للملف.
على الضفة نفسها، تلفت معلومات حصلت عليها «الأخبار»، إلى أنّه لم يتمّ تسريب أي معطيات حول القرار الذي ما زال محاطاً بسرّية وتكتّم مريبَيْن. وتوضح مصادر مطلعة أنّ الصورة الأوّلية تبدو سوداوية. وفي حال ذهبت «دويتشه فيله» إلى درجة الاستغناء عن الموظّفين والشركاء، فستكون قد أقدمت على خطوة تُعدّ الأخطر في سياق تكميم الأفواه طاعةً للعدو الإسرائيلي!
+++++++++++++++++++
كلام الصورة:
(جويس هيسلبرث ــ الولايات المتحدة)