جرت العادة في سوريا، بأن نتخيّل شكلاً كوميدياً للمنتج التلفزيوني! بسبب انتشار جوقة من الدخلاء على المهنة، أو محدثي النعمة وقد أحالتهم الظروف المهترئة إلى منتجي دراما.. الحالة كرّستها سلسلة «بقعة ضوء» التي فندّت بصيغة نقدية ساخرة حفنة منتجين سوريين من هذه الهيئة، وغالباً فإن الاحتيال والبخل هما سمتا هؤلاء المنتجين. الأمر يختلف بشكل ما في لبنان على الأقل، تحديداً عندما يتعلّق بأصحاب الشركات المكرّسة. لكن نادراً ما تجد منتجاً شاباً ومثقفاً يتخطى حدود البرتوكولات الشكلية البائدة، ويدير شركته بعقلية معاصرة، ويصبح فريقه عبارة عن أصدقاء فعلاً يتعامل معهم بحس رفاقي. هذا ما يكشفه لنا بعض العاملين في أعمال «فالكون فيلمز» لرائد سنّان. الشاب اللبناني الطموح بنى لنفسه شعبية ساطعة في الوسط الفني السوري واللبناني، وقد قرر أخيراً أن يخوض غمار الدراما التلفزيونية بكثافة مختلفة عن خططه السابقة! إذ سبق له تحقيق معادلة تجارية رابحة في الاستثمار السينمائي عرف من خلالها كيف يدفع مالاً ويعيده من خلال إنتاج سلسلة أفلام تجارية حققت أرقاماً جيدة في تاريخ الصالات اللبنانية. بغض النظر عن السوية الفنية لتلك الأفلام، إلا أنه يمكن القول بأنها رمت حجراً في بئر راكدة! أخيراً قررت الشركة مجاراة الركب والبحث في سوق الدراما، فكانت التجربة الأولى «داون تاون» (قصة كلوديا أبو حيدر سيناريو وحوار محمود إدريس وإخراج زهير قنوع بطولة: ستيفاني صليبا وسامر اسماعيل وهبة نور). العمل اشترته حصرياً وعرضته منصة «جوي» السعودية، لكّن شارته «أوقات مننجر» التي غنّاها وائل كفوري غزت الوطن العربي وحققت مشاهدات هائلة، من دون أن يتمكّن العمل من مجاراتها على مستوى كمية المشاهدة على الأقل! على العموم، يأمل رائد سنّان أن يكون أحد أقطاب الإنتاج التلفزيوني في بلاد الشام، وقد كرّت خطّته تباعاً بعد سلسلة اتفاقات على مجموعة مسلسلات، وإبرام عقود عديدة مع مجموعة مخرجين غالبيتهم سوريون!«أغنية الشارة في «داون تاون» لاقت إقبالاً أكثر من المسلسل، وهذا شيء طبيعي كونها موجودة على اليوتيوب في متناول الجميع. ومن الطبيعي أن تصل الى 50 مليون مشاهدة ، أما بالنسبة للمسلسل، شِئنا أم أبينا، فالعصر الجديد هو عصر المنصّات لأن التلفزيونات المفتوحة لم تعد قادرة على تغطية تكاليف الدراما بشكلها الجديد. عموماً العرض الثاني سيكون كفيلاً بتحقيق نسب مشاهدة أفضل بشكل أكيد» يعقّب المنتج رائد سنّان في حديثه مع «الأخبار» على آخر إنتاجاته ويضيف متباهياً بأن أفلامه «حققت أرقاماً قياسية في شباك التذاكر وهو 202 ألف بطاقة وهو ثاني أعلى رقم في تاريخ لبنان».
أما عن المشاريع القادمة التي تحضّر لها «فالكون فليمز» وإن كانت قد قررت التفرّغ الكلي هذه الأيّام للدراما التلفزيونية بمنطق Mini series أم أن التنويع سيحكم الموقف، وتنتج أيضاً مسلسلات ثلاثينية رمضانية، يجيب سنّان بالقول: «بخصوص القادم من الأيّام يمكن القول بثقة إن هناك حوالي عشرة مشاريع، قررّنا كشركة فعلاً التركيز على الدراما التلفزيونية في الوقت الحالي والقادم. ليس فقط لأن كورونا أثر على الانتاج السينمائي في العالم كله، وللأسف بشكل بليغ في لبنان، وقد زاد على ذلك انهيار سعر الصرف للعملة اللبنانية، فسعر تذكرة دخول السينما تغيّرت بعدما كانت تساوي 10 $ صارت تعادل اليوم 2 $ وهذا سيجعل الإنتاج السينمائي يتهاوى مثل بقية القطاعات الاقتصادية في البلاد، خاصة أننا عاجزون عن تسويق الأفلام خارج لبنان، علماً أن أكثر إيرادات الفيلم اللبناني من السوق المحلية».
أما عن خطة الإنتاج القادمة، فيقول: «الأمر يحتاج إلى نقاش عميق وطويل مع القنوات والمنصّات حتى يتم إقرار الأعمال تباعاً، لكن يمكن الإفصاح عن أهم المشاريع التي ننجزها حالياً وهي: مسلسل «8 أيام» (8 حلقات انتهى تصويره ويخضع للعمليات الفنية- كتابة وإخراج مجدي سميري) إضافة إلى عمل في المراحل النهائية من الكتابة يحمل عنوان «الحجرة» (10 حلقات- كتابة زهير الملّا) من إخراج فادي وفائي. المخرج الذي يأخذ فرصته الأولى يعتبر أبرز المخرجين المنفذين السوريين، الذين يشهد لهم بالبراعة والبديهة الحاضرة والإنجاز بصيغة خارج السياق المعتاد».
كذلك تتحضر الشركة اللبنانية لإنجاز مسلسل ثلاثيني بعنوان «على موج البحر» (كتابة رافي وهبي وإخراج محمد عبد العزيز)، إضافة إلى عمل مؤلّف من عشرين حلقة بعنوان «بيت الممسوك» (كتابة زهير الملّا- بطولة مكسيم خليل وإخراجه بنفس الوقت في أولى تجاربه خلف الكاميرا). وبحسب معلوماتنا، سميّ العمل بهذا الاسم نسبة لقصّته المستمدة من بيت يحمل الاسم ذاته بسبب رواية عن اختفاء رجل فيه، وحديث الناس عن احتمال أن يكون قد وقع أسيراً بيد الجنّ الذين يقطنون هذا البيت.