أكثر من مليونيّ مشاهدة، وآلاف التعليقات التي امتدحت الإمارات وبرنامج «قلبي اطمأن»... تلك حصيلة الحلقة التي بثت يوم الجمعة الماضي، وظهر فيها الممثل القدير صلاح تيزاني. في يوم بارد من شتاء بيروت، تسلل «غيث» الى «أبو سليم» في كورنيش المنارة، وصوّر حلقة امتدت على 19 دقيقة. «غيث» هو الشخصية التي تموّه وجهها وتظهر فقط ظهرها للناس، كجزء من اللعبة التسويقية للبرنامج الإماراتي في ضخّ مزيد من الغموض حوله في الأعمال الخيرية التي يقوم بها. حلقة «أبو سليم» الذي اختاره البرنامج، ضمن جولاته في مدن عربية وإسلامية، استطاعت التأثير على من شاهدها، سيما من خلال الثغرة الأساسية التي يدخل منها الإعلام على الدوام، أي غياب التغطية الصحية، للفنانين، والوقوف على أحوال هؤلاء التي تزداد سوءاً ويترك العديد منهم يموتون على أبواب المستشفيات. هكذا، استغل غيث هذه الثغرة، بمساعدة فريق لبناني بالطبع، يدله على مكامن الخلل في النظام الصحي في لبنان، ويعرّفه على فرقة «أبو سليم» التي لم يبق منها سوى «شكري» (صلاح صبح)، و«زغلول» (فؤاد حسن)، ويقوم بالحديث معه على أساس انه متابع لمسيرته الفنية، وتربى على مسرحياته وأعماله الكوميدية. البرنامج الذي يدعمه «الهلال الأحمر» الإماراتي، في موسمه الثالث، يحظى هذا العام بحفاوة واضحة، نتيجة التسويق الجيد الذي يعتمده، في تقديم الأموال والمساعدات لأشخاص يختارهم، ولا يمكن فصل «قلبي اطمأن» عن مستنقعات السياسة الإماراتية، التي تجد في وصول البرنامج الى الملايين نوعاً من العبور نحو صورة خيّرة لها وتمد يد العون الى الآخر، فيما تغير مقاتلاتها على مدن عربية وتفتك بشعبها، ومثال اليمن حاضر في هذه العملية. حلقة «أبو سليم» لاقت تفاعلاً عالياً محلياً وعربياً، بسبب بكاء الممثل المخضرم وتأثره على المساعدة المالية التي قدمت له، وشملت تغطيته صحياً، وتقديم راتب شهري له على مدى عامين، الى جانب مساعدة زميله زغلول. في الحلقة، يخاطب تيزاني غيث ويصفه بأنه ملاك نزل من السماء ليساعده سيما أن زوجته مريضة وغير قادر على دفع تكاليف علاجها.
أصاب «قلبي اطمأن» في اختياره شخصية فنية معروفة تحظى بشعبية داخل لبنان، ودخل من بوابة التأمين الصحي الغائب عن الفنانين واللبنانيين عموماً، وليست المرة الأولى التي يصار فيها الى وضع «أبو سليم» في هذا الموقف. كلنا يذكر حلقة «بلا تشفير» على «الجديد» قبل سنوات، عندما أذلّ تمام بليق ضيفه ودعاه الى كشف ماذا يحويه جيبه من مال على الهواء! هذه المرة، كانت اللهجة خليجية، والسيناريو المعدّ أقرب الى «بابا نويل» الذي يغدق عطاياه على الأطفال ليرسم ابتسامة على شفاههم، والنتيجة مزيد من حفلات التصفيق للأعمال الخيّرة للإمارات، التي دخلت هذه المرة، من بوابة النظام الصحي اللبناني المهترىء.