في الأشهر الماضية، ومع تفشّي وباء كورونا، واحداث تغييرات جمّة في قطاعات حيوية، خوفاً من الإصابة بالفيروس، برز القطاع الإعلامي كأحد الميادين التي سرعان ما تأقلمت مع متطلبات الحماية من الوباء، وساهم في ذلك، الإتكاء على الوسائط الإلكترونية الإتصالية، التي حلّت معضلات بالجملة، في التواصل وتنفيذ التقارير التلفزيونية، التي اختلفت أشكال تقديمها، وأضحت مقرونة بوسائل الإتصال الإفتراضي، لتأمين ضيوف الى الحلقات سيما برامج «التوك شو» المسائية والصباحية. هكذا، خيّم «سكايب» على القنوات، وخلّت الاستديوات من الجمهور والتفاعل، وأضحى المراسلون يعملون من منازلهم ويؤمنون موادهم اليومية في النشرات الإخبارية، مع تخفيف الى حد كبير من تواجدهم ميدانياً والااحتكاك المباشر مع الناس. ومع سرعة تفشي الوباء عالمياً، والغاء العديد من الفعاليات الثقافية، واقفال دور السينما والمتاحف، وكل ما يدور في فلك التجمعات، نفذت أفكار جديدة، اعتمدت على لغة الإنترنت، على رأسها قيام الأوركسترا الصربية قبل أيام قليلة، بتجربة فريدة، في جمعها أكثر من عشرين عازفاً وجمع المقطوعات لاحقاً وتوليفها، لتقديم تحية الى إيطاليا. ليس بالأمر الهين، أن يلبث كل عازف في منزله ويقوم بتصوير مقطوعته وتتناغم بعدها الأصوات وتتداخل، في المشهد النهائي، لنكون أمام معزوفة صنعت باتقان، لو عبر العالم الإفتراضي. هذه الفكرة الفريدة، يبدو أنها انسحبت على البرامج، ولو بشكل خجول. بعد الإعتماد على سكايب، لتمرير مقابلة تلفزيونية مع اختصاصيين صحيين أو نفسيين أو حتى فنانين، طرح برنامج «دنيانا» على «بي.بي.سي عربي»، قبل يومين، حلقة نفذت بالكامل عبر «السكايب»، إذ تبادلت كل من منال خضر (فلسطين)، ويسرا محمد (الكويت)، وغيدا الرشيدي (اليمن)، وشيماء كامل (مصر)، الأحاديث من منازلهن، وتداولن في الموضوع الراهن أي كورونا، والتغيرات الحياتية التي حدثت مع كل منهن. أكثر من نصف ساعة، الى جانب عرض تقارير متفرقة، استمرت الحلقة مع نوافذ أربع، للسيدات، ونقاش حيوي، استبدل الأستديو بالكاميرا والصوت والصورة. تجربة يمكن الوقوف عندها، كونها، تشكل فاتحة في تأثير الفيروس على حياتنا وعلى الوسائل الإعلامية. هكذا وبدل أن يصار الى إيقاف البرنامج، لأسباب تتعلق بالإجراءات الحمائية، يمكن ابتكار فكرة كالتي طرحها «دنيانا» والإستعانة بالإمكانيات التكنولوجية، لصناعة حلقة تلفزيونية، لا ينقصها سوى التفاعل الحيّ المباشر.