كلّ ما يحصل في سوريا يجهز على المواطن! الدولار الأميركي يسجّل أعلى أرقاماً له منذ بداية الحرب مقابل العملة السورية. قفز خلال أيّام قليلة حتى وصل سعر الدولار الواحد إلى 1250 ليرة سورية، ثم تراجع قليلاً.. وكلمّا حلّق «الداشر» كما بات السوريون يسمونه تهكماً، كلما زغردت الأسعار، وتهاوت القيمة الشرائية لرواتب الموظفين. ربما لا يصدّق أحد أن متوسط دخل الراتب السوري بعد الزيادة الأخيرة حوالي 50 ألف ليرة سورية فقط، ما يعادل 50 دولاراً حسب الأسعار الأخيرة! هذه الحال جعلت الأمور تصل إلى حافة الانفجار. لا حديث في السوشال ميديا سوى احتياجات المواطنين، والوصول إلى حافة «ثورة الجياع» التي لاحت بوادرها من محافظة السويداء التي خرجت في مظاهرات احتجاجية على تدهور الأحوال المعيشية، بينما صدر مرسوم رئاسي يحذّر من أي تعامل بغير الليرة السورية، ويفرض عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة لمدّة سبع سنوات وما فوق لكلّ من يتعامل بعملة غير الليرة، مع غرامات مالية بضعفي قيمة المدفوعات! وانطلقت حملة شعبية مكثفّة على الفايسبوك لدعم الليرة السورية تحت وسم #ليرتنا_عزّتنا تهدف إلى إجبار البنوك على إعادة طرح العملة النقدية من فئة الليرة السورية الواحدة، والتمسّك بها. وبالفعل راحت الإعلانات تتوالى سريعاً عن نيّة متاجر معروفة في المحافظات السورية لبيع منتجاتها في أوقات محددة مقابل ليرة سورية واحدة، والتقطت صور لإزدحامات كبيرة على تلك المتاجر: محلات طعام، مراكز بيع دخّان، ومحلّات موبايلات.. تعدّى الأمر ذلك عندما أعلن بعض الأشخاص عن تقديم خدماتهم مقابل ليرة سورية واحدة. المصّور الفوتوغرافي محمد الدامور مثلاً قدّم خدماته لتغطية أيّ مناسبة محلية مقابل ليرة سورية واحدة، كذلك الأمر مع مراكز تصوير أخرى، ومراكز تجميل أيضاً! الأمر الذي أدخل مذيعة سورية في نوبة سعادة مفرطة لدى تغطيتها الخبر، فاصطادتها صفحات السوشال ميديا في مشوار تغطية الحملة. وتناقلت صفحات عدّة عرض الممثلة تولين البكري لدعم الليرة، وتصريحها عن استعدادها للعمل في أي مسلسل سوري مقابل ليرة سورية واحدة! الحملة لاقت أصوات نشاز وسخرية وسلبية، معتبرة بأن القصة لا يمكن قيادتها بهذا الشكل، وأن هذه الحملات لا تقدّم ولا تؤخر.على أي حال سواء كانت هناك فوائد اقتصادية فعلية من هذه الحملة أم لا، يبقى الهدف الرمزي للتكافل الحاصل لدى الشعب السوري والحماس الواضح عند الطبقة الفقيرة وصغار التجّار هو الأهم، بينما يتفرّج حيتان المال وتجّار الحرب على ترنّح اقتصاد بلادهم الذي تناهبوه من دون أن يرفّ لهم جفن.