يتبادل مصروفو «دار الحياة» (تضم جريدة «الحياة» ومجلة «لها») السلام والقُبل بعدما أقفلت الدار السعودية أبوابها في بيروت قبل عام ونصف العام تقريباً. بعد فراق أشهر طويلة، جمعتهم «مصيبة» واحدة هي عدم حصولهم على مستحقاتهم. أمر دفعهم إلى التفكير في طرق أخرى لإيصال صوتهم عالياً على إثر غياب الإدارة عن السمع، فقرّروا التظاهر صباح اليوم أمام السفارة السعودية في منطقة بلس في بيروت. يعلم المصروفون جيداً أن إختيار المكان يحمل دلالة رمزية فقط، هو إيصال رسالة للقائمين على السفارة وتحديداً السفير السعودي في لبنان وليد البخاري. أحد المتظاهرين يهمس لرفيقه بأنّ السفير ليس «في العمارة» (نسبة إلى فيلم «السفارة في العمارة» الذي لعب بطولته عادل إمام)، وبالتالي فرسالتهم لن تصل.«أن تأتي متأخّراً خيراً من ألا تأتي ابداً»، هي العبارة التي جمعت اليوم المصروفي، رافعين صوتهم بعدما تلقّوا وعوداً زائفة بتحقيق مطالبهم. عدد خجول من المصروفين تجمّع أمام السفارة، في مقابل تواجد مجموعة من عناصر القوى الأمنية تفوق عدد المتظاهرين. بعد الإعلان عن تظاهرة «الحياة» قبل أيام، تجمّع عناصر الأمن حول السفارة تخوّفاً من أيّ أعمال شغب، خاصة أن هذه الخطوة تأتي في وقت تشهد فيه البلاد حراكاً إنطلق منذ شهرين. اللافت أن التظاهرة ضمّت قرابة ثلاثين شخصاً فقط من مصروفي «الحياة»، مع العلم أن المصروفين اللبنانيين من الدار التي يملكها الأمير السعودي خالد بن سلطان، يفوق عددهم المئة موزّعين بين تقنيين وإعلاميين. يهمس المصروفون في آذان بعضهم عن حالة «يأس» أصابتهم في مسألة تحقيق مطالبهم، بعدما أقفلت مكاتب الدار في دبي والرياض وبيروت، غير مهتمّة بالعاملين لديها. رغم ذلك، يصرّون على مواصلة جهدهم للحصول على مستحقاتهم المكسورة منذ سنوات، ليبقى السؤال: لماذا التأخّر بهذا الحراك بعد قرابة عامين من الاقفال؟ يجيب أحد المتظاهرين بأنهم تلقوا وعوداً رسمية بحصولهم على أتعابهم، لكن الوعود كانت مضيعة للوقت.
تزامنت تظاهرة «الحياة» مع الوقفة التي أقامها مصروفو تلفزيون «المستقبل» في بلس صباح اليوم، لكن رغم ذلك، كان الحضور الاعلامي لتغطية الحدث خجولاً بإستثناء بعض الشاشات التي أتت للوقوف على مطالب المصروفين. وألقى زكي محفوض كلمة بإسم زملائه قائلاً «إن وقفتنا أمام السفارة تأتي بعدما سدّت في وجهنا كل السبل لإيصال صوتنا إلى من يتوجّب عليهم حل هذه المشكلة». في المقابل، ألقى علي يوسف أمين صندوق «نقابة محرري الصحافة» كلمة داعماً فيها مطالب المصروفين. هكذا، كان اللقاء بين المصروفين بصيص أمل للحصول على أتعابهم، وبمثابة إعادة لمّ الشمل مع باقي الزملاء لشدّ العصب والبحث في الخطوات المقبلة.