فتح ملف كبير العملاء عامر الفاخوري أخيراً، قضية العملاء، بعد مرور نحو 19 عاماً على تحرير الجنوب اللبناني من الإحتلال الإسرائيلي. لكن، أبعد من قصة فاخوري ومحاكمته، وعودته الى لبنان التي نكأت جراحات أسرى سابقين، يمكن الإضاءة هنا، على ما حاول بعض الإعلام اللبناني، تعميمه من مصطلحات يخال المرء أنها تتداول بشكل بريء. لكن الناظر في معناها، يتيقن بأنها تهدف إلى محو ذاكرة جمعية بأكملها، تتعلق بالعملاء وما اقترفوه بحق أهاليهم في القرى الجنوبية، وشتى وسائل التنكيل التي استخدمت بحقهم، وأدّت في كثير من الأحيان الى استشهاد العديد منهم. عبارتا «فارين الى اسرائيل»، أو «مبعدين» تحيلنا مباشرة الى أنّ فعلاً قهرياً حصل لهؤلاء الأشخاص ومحاولة تنظيف سجلاتهم الإجرامية. عبارات استخدمت بكثافة على الشاشات، مدّعمة قبلاً بآراء ومطالبات وحتى بوضع قوانين تنهي ملف العملاء قانونياً. ضمن تقرير بعنوان «اللبنانيون في اسرائيل» في نشرة أخبار mtv المسائية أمس، خرج استاذ القانون الدولي، أنطوان سعد، الذي يتعاون مع المحطة في الإستشارات القانونية، ليرد على كلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، والذي وضع فيه يوم الجمعة الفائت، النقاط على الحروف، بخصوص استخدام مصطلح «فارون الى اسرائيل»، مع تأكيده على أن المقاومة طيلة فترة الإحتلال وبعده لم «تقتل صوصاً». بل سلّمت العملاء الى القضاء اللبناني، وفرّقت بين العميل وعائلته في أخذ قصاصه، كما حصل مع العميل عقل هاشم. لكن، يبدو أن هذا الكلام لم يعجب محطة المرّ التي تحركت على هذا الخط، واعتبرت أن هؤلاء المتواجدين في الأراضي المحتلة، التي تسميها المحطة «اسرائيل»، لا ينطبق عليهم مصطلح «المبعدون»، بل «الفارون» لأنهم فعلوا ذلك «هرباً من الإضطهاد»! في مداخلة سعد الذي سبق أن قدم مشروعاً لتسوية قضية العملاء بعيد التحرير، اتهم نصر الله بأنه هدّد مراراً العملاء بالقتل. ولعلّ الأنكى هنا، وضعه على قدم المساواة ما حصل مع العملاء الذي لجأوا الى فلسطين المحتلة، وبين السوريين الذين «هربوا من اضطهاد بشار الأسد وحزب الله» لهم. انتهى التقرير بالتذكير «بشرعة حقوق الإنسان»، وبحق أي «فرد في أن يلجأ الى حيث يحمي نفسه من اي اضطهاد». هكذا، تكررت عبارة «اضطهاد» لمرات عدة في التقرير، لتبيان صورة العملاء على أنهم أناس هربوا قهراً، ويحق لهم العودة، مع تجاهل تام للفظائع التي ارتكبها هؤلاء بحق اللبنانيين، وأيضاً لكون المكان الذي فرّوا اليه، هو كيان احتل لبنان وقتّل بشعبه ودمّر بنيته التحتية على مدى الأعوام الماضية المنصرمة. كل هذا التاريخ تريد محوه قناة المرّ، لصالح أجندة واضحة، تحاول غسل عار هؤلاء ومعهم الاحتلال.