من جديد ظهر اسم الصحافي السوري الشهير يعرب العيسى أمس في وسائل إعلام سورية، وهو الذي عرف بكتاباته ذات «السقف العالي»، قبل أن يتوقف عن الكتابة بعد إغلاق صحيفة «الخبر» في العام 2011، بسبب تعاطيها الجريء مع الأحداث وتغطية مؤتمر للمعارضة في دمشق.هكذا حلّ الصحافي «المشاكس» ضيفاً على مكتب رئيس الوزراء السوري عماد خميس وفريقه الإعلامي، خلال اجتماع ضمّ نحو ثلاثين إعلامياً سورياً من وسائل إعلامية خاصة، بحضور وزير الإعلام السوري عماد سارة. العيسى الذي حظي سابقاً بعداوات مع معظم المسؤولين في سوريا، طالب خلال الاجتماع أول من أمس بـ «ضرورة أن تثق الحكومة بالإعلاميين، وتقدّر عملهم عندما يتوجهون بالنقد للعمل والأداء، وعدم شخصنة هذه الأمور».
وحسب معلومات «الأخبار» فإن يعرب العيسى عاد لرئاسة تحرير صحيفة «الخبر» بعد ثماني سنوات من توقفها، ولبى دعوة الحكومة كرئيس تحرير لها، ولم يتخل الصحافي «النموذجي» عن جرأته المعهودة خلال الاجتماع، وكان له حديث عن دور الإعلام في إعادة بناء الثقة بين الحكومة والمواطنين.
ونشرت صحيفة «الوطن» السورية ما تيسر من الاجتماع الذي استمرّ لخمس ساعات من دون توقف، حيث طالب المدير العام لإذاعة «شام إف إم» سامر يوسف، بضرورة «انفتاح» الحكومة على الإعلام، في حين اقترحت الإعلامية في الإذاعة ذاتها هيام حموي بتشكيل لجنة من خبراء في علم الاجتماع و«علم النفس» لدراسة الرأي العام السوري.
في حين ركز آخرون على «مكافحة الفساد والاحتكار، وزيادة الجولات الميدانية للوزراء، وتسليط الضوء على نقاط الخلل في الأداء الحكومي».
وتطبيقاً لسياسة «التقشف»، اقتصرت ضيافة خميس للصحافيين على الزهورات والقهوة المرة، وفي ختام الاجتماع وعد رئيس الوزراء بأن يوجه إلى فريقه الحكومي تعميماً بضرورة التعاون والتجاوب مع الإعلام، وقال «إن الوزير الذي لا يملك أجوبة عن أسئلة الناس، غير جدير بمنصبه».
في حين أكد وزير الإعلام أن من حق الصحفي الحصول على المعلومات من الجهات العامة، وهذا مضمون في القانون، ويحق للإعلامي رفع دعوى أمام القضاء في حال عدم حصوله على المعلومات، مشيراً إلى وجود أزمة ثقة بين الإعلامي والمسؤول بالاتجاهين، فالمسؤول يعتبر أحياناً أن النقد شخصي، وفي المقابل هناك إعلاميون ليسوا مهنيين.
وفي أول اختبار لمدى جدية هذا الكلام، كانت أزمة البنزين في اليوم التالي للاجتماع، والتي أكدت ضعف التواصل بين الصحافيين ومصادر المعلومات، ويرى البعض أن السبب هو المكاتب الصحافية في بعض وزارات ومؤسسات الدولة، والتي غالباً ما تعتمد «التعتيم» على المعلومة بدل مبدأ «الشفافية»، وتقف عائقاً أمام حصول الصحافي على الخبر اليقين، بل تناصبه العداء وتهدده باللجوء إلى القضاء!.
ونذكر في هذا المجال أن رئيس الحكومة السورية أصدر تعميماً قبل أكثر من عامين لتسهيل وصول الإعلاميين إلى المعلومة، ولكن أغلبية الصحافيين يؤكدون أن «التعميم» لا يزال حبراً على ورق. ولوحظ في ما تسرب عن الاجتماع غياب الحديث عن حماية الصحافيين من الدعاوى التي توجه ضدهم، وبعض الحالات التي استدعي فيها صحافيون من قبل أجهزة أمنية، في تجاوز للقضاء، رغم أن قانون الإعلام يفترض أن يمنع سجن الصحافيين!.