بالأمس عاشت دمشق ليلة ملتهبة، خلافاً لحالة الهدوء التي باتت تنعم بها بعدما أمّن محيطها بالكامل وهزم الإرهاب من غوطتها. عند قرابة الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل، هزّت سلسلة انفجارات سماء العاصمة السورية، فسادت حالة من الهلع ظناً من الناس بأن الضربة الأميركية الموعودة قد بدأت، بخاصة بأنّ الازدحام في الأسواق والشوارع ظلّ لوقت متأخر بسبب التحضير لافتتاح المدارس اليوم. وسرعان ما تناقلت وسائل الإعلام خبراً عن قصف تعرّض له مطار المزة العسكري. فراحت كرة الثلج تكبر على المحطات المعارضة وخاصة «العربية» و«الجزيرة» التي أكدّت وقوع انفجار ضخم في منطقة جمرايا في ريف دمشق. بعدها، نقلت قناة «الميادين» عبر مراسلها في الشام محمد الخضر بحسب مصادر ميدانية وقوع اعتداء على المطار، لتشتعل صفحات السوشال ميديا ومنها من بعض المراسلين الذين عملوا في الصحافة من بدء الحرب. هؤلاء راحوا يحصون عدد الدفاعات الجوية ويتحدّث بعضهم عن التصدّي لصواريخ اسرائيلية واسقاطها. في هذه الأثناء، كانت المحطات الرسمية تبثّ أغنيات وطنية بدون أي خبر عاجل. كذلك استمر تلفزيون «سما» بعرض مسلسل «الزير سالم» (ممدوح عدوان وحاتم علي)، مما فتح شهية رواد مواقع التواصل الاجتماعي على السخرية الشديدة ونشر أخبار عاجلة تندرية عن شخصيات حرب البسوس، فيما رصدت عدسات الموبايلات لأشخاص عاديين يسكنون في حيّ المزّة حجم الإنفجارات وصوّرت اللهب المرتفع من المطار. لكن بعد أكثر من نصف ساعة، قلب الإعلام الرسمي الطاولة عندما ظهرت مذيعة الأخبار أليسار معلّا ونفت حصول أي اعتداء اسرائيلي. وذكر الإعلام نقلاً عن مصدر عسكري وقوع سلسلة انفجارات داخل حرم المطار في مستودعات ذخيرة نتيجة ماس كهربائي! الخبر لم يوقف حملة التهكم على اعتبار بأنه بحسب المنتقدين لا يحترم عقول المشاهدين ولا يمكن تصديقه. اللافت أن عدداً من الفنانين السوريين كانوا حاضرين من خلال تعليقاتهم على صفحاتهم وحساباتهم الشخصية. وانقسم الرأي حول صدقية الخبر الذي نقله الإعلام الرسمي أو كذبه، بين من اعتبره استخفافاً بالجمهور، ومن رأى بأن المصادر العسكرية سبق أن فنّدت جميع الاعتداءات التي حصلت دون مواربة، فما الذي يجعلها تخبئ الأمر هذه المرة؟