لم تهدأ التغريدات على تويتر منذ إطلاق شركة «زين» الكويتية للإتصالات إعلانها الرمضاني الذي شارك فيه المغني الإماراتي حسين الجسمي (الصورة). منذ يوم الجمعة، حظي إعلان «سنغنّي حبّاً» (3:11 د) بنسب مشاهدة عالية نظراً إلى مشهديته المؤثرة والمشغولة، غير أنّه لم يسلم من التعليقات التي اتهمت الشركة بالإنحياز إلى النظام السوري، بإستخدامها صورة الطفل الحلبي عمران دقنيش الذي هزّت صورته العمل بعدما نجا من قصف أسقط منزله وأودى بحياة عائلته، من دون «إدانة» هذا النظام.
يأتي هذا الشريط في سياق الترويج لنبذ الإرهاب ونشر قيم التسامح والمحبة كما نص الدين الإسلامي، وضمن أجواء حملة دعائية ضخمة، تبدأ من السياسة وتمر في الإعلام وصولاً إلى الأعمال الدرامية كـ «غرابيب سود» (إخراج حسام الرنتيسي، وحسين شوكت، وعادل أديب) الذي تعرضه شبكة mbc السعودية ويتناول «داعش». هذا المسلسل يتطرّق إلى مختلف الأساليب الإجرامية التي يتبعها هذا التنظيم بحق الناس، لإظهار كما قال صنّاعه، الوجه الحقيقي للإسلام المتسامح والمحب.
بالعودة إلى إعلان «زين»، فهو يلعب على أوتار عدّة، على رأسها الطفولة الضحية لهذا الإرهاب. نسمع صوت طفل يلقي اللوم على الإرهابيين، قائلاً: «ملأتم المقابر بأطفال وكراسي المدارس فارغة... وأشعلتم الفتن ونسيتم مصابح شوارعنا مطفأة». ويستعين العمل بناجين من تفجيرات دامية حدثت في مدن بغداد (تفجير الكرادة)، والكويت (مسجد «الإمام الصادق»)، وجدة، والأردن، مع تغييب للجغرافيا السورية مع أنها قد تكون النموذج الأنجع لتجسيد فكرة الإعلان.
أما الجسمي الذي يظهر في منتصف الشريط تقريباً، فيتقدّم جموع الضحايا الذين يتجمهرون من خلفه، في مواجهة الإرهابي الذي زنّر نفسه بحزام ناسف. حاول هذا الرجل سابقاً تفجير نفسه بهم في الحافلة وفي المدرسة أيضاً. الفنان الإماراتي بدوره، يتوجه إلى هذا الرجل بدور الواعظ، محاولاً إقناعه بأنّ عبادة الله تأتي بالحب لا بالرعب، وينصحه بأن يكون في دينه «سهلاً لا صعباً»، وأن يخالف الناس «سلماً لا حرباً».
إذاً، تحت راية «كلما يفجّرون كرهاً، سنغني حباً، من الآن إلى السعادة»، يمتطي إعلان «زين» قضية الإرهاب، مستخدماً قيم الإسلام، وعلى رأسها الآية القرآنية: «لا إكراه في الدين»، لتنفجر المفرقعات النارية إحتفاءً، بدل التفجير بالعنف والدم.
إعلان يضع جانباً التسييس ليتحدّث من أرض الخليج عن مناهضة العنف والإرهاب، ومقارعته بإعادة البوصلة إلى قيم الإسلام. لا شك أنّه تبسيط وتقزيم للأزمة وللواقع، بتغليفها ببعض العبارات ومسرحة الضحايا، وتمييعها بإعلان هش غنائي ــ إنساني في مناسبة رمضانية.