أمس، كشفت otv في نشرتها المسائية عن الحادثة الوحشية التي تعرّض لها الشاب بول محبوب في منطقة قرطبون (قضاء جبيل)، أثناء عودته من منزل قريبه إلى بيته. بدا محبوب بحالة مأساوية مع كسور في أنفه وجبينه وجميع أنحاء جسده، بسبب الاشتباه بأنّه «سوري»!.
هكذا، انهال عليه شباب المنطقة بالضرب، زاعمين أنّهم من شرطة البلدية، وطالبين منه إظهار هويته، إلى أن أضحى فريسة هؤلاء الذين أبرحوه ضرباً حتى آخر نفس. حادث كشفته otv، فيما اعتبرته البلدية «فردياً»، معربة عن استنكارها وإصرارها على المحاسبة. القناة البرتقالية التي أزاحت النقاب عمّا حدث، تعاملت معه بكثير من المهنية والتوازن، طارحةً سؤالاً حول احتمال عودة الأمن الذاتي. إلا أنّها طبعاً لم تشر إلى سبب جوهري لهذا الفلتان الحاصل، أي الضخ الإعلامي العنصري الهائل، وخطاب الكراهية، اللذان بات مرورهما عادياً على القنوات التلفزيونية ووسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي.
أوّل من أمس، ضُرب الشاب وحلل الاعتداء عليه، ولم تثر الحادثة الجدل اللازم، فقط للاشتباه به بأنّه «سوري». علماً بأنّ تجوال اللاجئين السوريين بعد الساعة 11 مساء ممنوع في هذه المناطق. هكذا، باتت الجنسية السورية طريقاً معبّداً لفرض الأمن الذاتي وضرب الناس وسؤالهم عن هوياتهم في عودة إلى سلوكيات كانت سائدة أيام الحرب الأهلية. وكل ذلك لم يجد طريقاً للحل عبر النقاش العام على الشاشات، وفي أروقة الحكومة أيضاً وأذرعها المحلية (البلديات). الكثير من الحوادث المماثلة حصلت وسط تعتيم إعلامي، شملت حرقاً للخيام أو الاعتداء على أشخاص يحملون الجنسية السورية. اليوم انتقل الأمر إلى اللبنانيين بين بعضهم البعض، مع هذا المشهد الحزين الذي رافق وجه محبوب في المستشفى. المسؤولية هنا مزدوجة؛ على الدولة في تقاعسها في هذا الملف، وعلى الإعلام أيضاً الذي جزّأ الأزمة وأفرغها من حيثيتها الإنسانية، سامحاً باستباحة كرامة ودماء الناس.