2010 كانت سنة الحراك الإعلامي بامتياز. بعد عامَين من التخبّط في تداعيات الأزمة المالية، حاولت المؤسسات الإعلامية هذه السنة إعادة ترتيب أمورها في ظل ضغط مالي مستمر. صفقات بيع وشراء، وعمليات دمج طاولت أبرز الصحف العالمية، إلى جانب بروز خريطة مالكين جدد. وقد ترافق هذا الحراك المالي مع أحداث عالمية فرضت نفسها على التغطيات الإعلامية: من زلزال هايتي إلى مواجهات بحر غزة، ووقف العمليات العسكرية في العراق...
وإذا كان «ملك» القمع، والتجاوزات الدستورية هو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، يبقى البطل هذا العام وللأعوام المقبلة محرك البحث «غوغل». إذ «بشّر» هذا الأخير بخطط للتحكّم بأدق تفاصيل الحياة اليومية لمستخدميه. أما الظاهرة الأبرز فتبقى، من دون منازع، موقع «ويكيليكس» الإلكتروني الذي شغل العالم فارضاً نفسه محطةً تاريخية في مسيرة الإعلام. البداية، مع أبرز المؤسسات التي طُرحت للبيع، وهي صحيفة «لوموند» الفرنسية التي انتقلت ملكيتها إلى الثلاثي بيار بيرجيه، وماثيو بيغاس وكزافييه نيال. لكن بعد شهر ونصف على تسلم الفريق الجديد إدارة المؤسسة، بدأت الاضطرابات تظهر للعلن: احتج مدير «لوموند» إيريك فوتورينو على إجراءات التقشّف التي اتخذتها الإدارة، وبعد أيام أقيل فوتورينو واستقال مدير آخر في مجلس المراقبة...
أميركياً، شهدت الساحة الإعلامية صراع جبابرة بين روبرت موردوخ، وأرثر سالزبرغر على صحيفة «نيويورك تايمز». أما بريطانياً، فقد اشترى الملياردير الروسي ألكسندر ليبيديف جريدة «ذي إندبندنت» لإنقاذها من أزمتها.
ضغوط أخرى مورست على المؤسسات الإعلامية، وهذه المرة في فرنسا، عبر تدخل رئاسي غير مسبوق في العمل الصحافي. عيّن نيكولا ساركوزي شبكة من مؤيديه في المؤسسات الإعلامية من خلال تسميتهم مباشرة بما هو مخالف للقانون. ثم أقال صحافيين ممن انتقدوه. واتُّهم الرئيس أخيراً بالتجسس على الصحافيين.
وفي العام نفسه، برز اسم جديد: إنه جوليان أسانج مؤسس موقع «ويكيليكس». هكذا بدأ 2010 مع شريط مسرّب يظهر جنوداً أميركيين على متن طائرتهم يردون مدنيين عراقيين وصحافياً من دون أي تردد. وبعد أشهر، خرجت خبايا الحرب على أفغانستان إلى العلن من خلال نشر 90 ألف وثيقة سرية، بالتنسيق مع عدد من الصحف العالمية. ثم وثائق الحرب على العراق وأخيراً آلاف المحاضر والمراسلات الدبلوماسية بين سفراء الولايات المتحدة الأميركية في بقاع العالم ووزارتهم. وثائق شغلت العالم وإعلامه ولا تزال. بعضهم أيدها، وآخرون رفضوها، إلا أنّ الجميع وقفوا مصدومين من مشهد يعرّي السياسة العالمية ولاعبيها.