تقوم The Wailers حالياً بجولة عالمية تحت عنوان Revolution Tour 2012 (جولة الثورة 2012)، وتحط في بيروت مساء الاثنين المقبل بدعوة من «ليبان جاز». تعود بدايات هذه الفرقة إلى النصف الأول من ستينيات القرن الماضي. اتخذت اسم The Wailers بعد سنوات، وضمت ثلاثي الريغي التاريخي بوب مارلي وباني وايلر وبيتر توش، بالإضافة إلى آخرين، من بينهم عازف الباص آستون باريت (1946) الذي يقود الفرقة بشكلها الحالي. بعد سنوات عدة على تأسيسها، غادرها وايلر وتوش، فتابع بوب مارلي مسيرته تحت اسم Bob Marley and The Wailers حتى رحيله في عام 1981. أما زميلاه، فقد ذهبا كلٌ في طريقه، قبل أن يحاول وايلر لمّ شمل الفرقة، لكنه فشل في إقناع توش الذي قتِل بعد ذلك بقليل (1987).

إذاً مَن سيستضيفه الـ«ميوزكهول» مساء الاثنين هو عازف الباص في الفرقة الأمّ، بالإضافة إلى المغني الأبرز في الريغي الجمايكي اليوم كولنت (Koolant)، ومجموعة من الموسيقيين. أما الملصق الخاص بالحفلة المرتقبة، فتتوسّطه صورة بوب مارلي (1945 ــــ 1981). لا شيء يثير الاستغراب في ذلك. من هنا، السؤال الأهم الذي سنحاول الإجابة عنه للمناسبة هو: لماذا يتمتع بوب مارلي بهذه الشهرة العالمية الكبيرة في عالم الريغي؟ الجواب بسيط: في أواخر الستينيات، أرسى المغنّي الجمايكي الراحل وفرقته نمطاً موسيقياً/ غنائياً فريداً تحت اسم الـ«ريغي».
إحدى خصائص هذا اللون الغنائي أنه غير قابل للتطوير. الريغي ــــ من حيث تركيبته الموسيقية العضوية ــــ يمكن تمييزه من خلال عناصر محدّدة، واضحة وبسيطة. لذا، أي تعديل فيها يؤدي إلى انهيار الهيكلية التي تقوم عليها النغمة وتجعل المستمع يتعرّف إلى الريغي ويميّزه عن سائر الأنماط الموسيقية والغنائية. بمعنى آخر، إن أي حذف مِن (أو إضافة إلى) مكوناتها، يضع أغنية الريغي في خانة أخرى، أي يعرضها حكماً لإعادة تصنيف في أنماط مختلفة. السبب الثاني في شهرة بوب مارلي وزملائه وغياب منافس لهم أيضاً (رغم وفرة التجارب المشابهة) آتٍ أيضاً من إبداعهم وإتقانهم لفنّهم، ولو أنه (أو ربما لأنه) ذو آفاقٍ محدودة أساساً. وهذا يبدو أكثر من طبيعي بالنسبة إلى فنان يعمل في مجال من ابتكاره. أي، أضعف الإيمان أن يتقن أكثر من غيره كيفية التعامل مع قواعده.
سبب إضافي يعزز هذه المعادلة. كأي أغنية، الكلام في الريغي مكوّن أساسي للعمل. لذا، كان بالإمكان تقديم إضافة على مستوى النص والموضوع في أغنية الريغي، لمّا تعذّر تطوير الجانب الموسيقي منها. غير أن بوب مارلي والـ«وايلرز» عالجوا في أغانيهم المواضيع الأكثر أهمية في الفن الغنائي، وهما الاحتجاج والثورة والتمرّد من جهة، والحب والمرأة من جهة ثانية. ويمكن تلخيص رسالة الريغي الفنية عموماً بالأغنيات الثلاث الآتية: Get Up Stand Up وNo Woman, No Cry وI Shot The Sheriff. كذلك، يمكن القول إن ثمة إضافة يمكن تحقيقها على مستوى اللحن، غير أن تجربة هؤلاء الرواد قدَّمت أيضاً الكثير في هذا الجانب.
من جهة أخرى، في الوقت الذي كان فيه بوب مارلي والـ«وايلرز» وكذلك زملاؤه الذين استقلوا بتجاربهم، ينشرون فنّهم في العالم، قام العديد من الفنانين بتجاربهم الخاصة في مجال الريغي. ولا نزال نقع اليوم على أغنية ريغي ضمن ألبوم هذا الفنان، أو ألبوم ريغي ضمن مسيرة ذاك. لكن الريغي غير الجمايكي بلغ الذروة قُبيل رحيل مارلي، مع الفرنسي سيرج غينسبور الذي قصد الجزيرة الجمايكية ليسجّل ألبومين. إنهماMauvaises Nouvelles Des Etoiles وAux armes et cætera اللذان يرى فيهما البعض اللمسة النهائية التي يمكن وضعها على هذا الفن. هكذا كان للعبقري الملعون الكلمة الأخيرة في الريغي، ومضى بعدها إلى تجارب أخرى حتى رحيله عام 1991. فهل تدرج الفرقة إحدى أغنيات غينسبور في أمسيتها؟ كلها مرشحّة لأن تكون جزءاً من برنامج The Wailers، ما عدا يفغيني سكولوف طبعاً!



* The Wailers: 9:00 ليل الاثنين 27 شباط (فبراير) ـــــ «ميوزكهول» (ستاركو ــ بيروت) ـــ للحجز: 01/999666