في ظل الإبادة الفظيعة التي يتعرّض لها الفلسطينيون منذ أشهر، ما زالت مؤسسة «فضاء» المعنيّة بأرشفة المسرح العربي تتمسّك ببصيص أمل يدفعها إلى المثابرة. هذه المؤسسة التي انطلقت في أواخر أيّام عام 2022 عبر عقد مؤتمر في «مسرح المدينة» يعرّف بالمؤسسة، وأهدافها ومؤسسيها، ما زالت تواصل مهماتها المعنيّة بأرشفة المسرح في لبنان والعالم العربي. وباعتبار أنّ المسرحيين الفلسطينيين يشكّلون جزءاً من أرشيف المسرح اللبناني، تقدّم «فضاء» بالتعاون مع «دار النمر للفنّ والثقافة» في بيروت، اليوم أمسية سرديّة تحت عنوان «منمنمات فلسطينيّة» لسيَر وحكايات مستلّة من تجربة مسرحيين فلسطينيين عملوا في المسرح في لبنان. تتمثّل إحدى طرق الأرشفة التي تعتمدها المؤسسة في الأرشفة الحيّة، فتدعو المسرحيين إلى فعاليّاتها ليشاركوا سيرتهم على المسرح أمام الجمهور. ثم تسجّل «فضاء» تلك الفعاليّات وتحفظها كأرشيف، وبالتالي ستدخل هذه الأمسية ضمن الأرشيف الذي تعمل «فضاء» على جمعه، لتمثّل جزءاً من أرشيف المسرح الفلسطيني في لبنان. تعرض الأمسية ثلاثة متحدّثين فلسطينيين، يتناول كلّ منهم حياته وأعماله المسرحيّة في لبنان، ويقدّم الأمسية، المتحدّث الرابع، المخرج المسرحي والسينمائي عوض عوض، من مخيّم عين الحلوة للاجئين في لبنان، وهو الذي أدار «مهرجان مِشكال للفنون» وأخرجه في «مسرح المدينة» على مدى سبع سنوات وتولّى إخراج 14 عملاً مسرحيّاً. أمّا عن المتحدثين الثلاثة الذين ستقدمهم الأمسية، فهم: الفنان فادي دباجة المولود في مخيّم برج البراجنة في بيروت من عائلة تعود أصولها إلى قرية الكابري في قضاء عكّا في شمال فلسطين. هذا المخرج المسرحي والممثل والمدرّب تخصّص في التدريب على «منهجيّة التعلّم من خلال الفعل». كما تتحدّث الممثلة والكاتبة والمخرجة والمربيّة الفنيّة التي تعمل مع الأطفال ميرا صيداوي. علماً أنّها لاجئة فلسطينيّة في لبنان وأصلها من عكّا، وتحديداً بلدة الشيخ دندون. وأخيراً، تشارك الحكواتية والممثلة وفيقة لوباني المولودة في مخيم نهر البارد في لبنان من عائلة تعود أصولها إلى قرية سعسع في قضاء صفد.
مؤسِّسة «فضاء» المخرجة والأكاديميّة عليّة الخالدي تخبرنا عن بعض العراقيل التي تواجهها المؤسسة مثل التمويل الكفيل بمنحها مركزاً يحتوي على جميع الأرشيفات، ولكنّها مع هذا، تبحث عن بصيص أمل وتثابر، وتؤكّد التزامها بالعمل من أجل المؤسسة وتحقيق أهدافها. تقول: «جميع المؤسسات والجمعيّات التي تولد في لبنان، عليها أن تناضل من أجل الاستمرار، أنا متفائلة، لأنّ هدف «فضاء» مهم لجميع المعنيين بالمسرح اللبناني والعربي. نحن مستمرّون وجميع أعضاء المؤسسة يعملون تطوعيّاً من مقابل مادّي، لأننا نؤمن بأهميّة الأرشفة، لا يمكننا المضي إلى الأمام من دون أن نتعلّم عن تاريخنا». الخالدي التي حلمت بتأسيس «فضاء» منذ عام 1986، اختارت «منمنمات فلسطينيّة» عنواناً لأمسية الليلة، فالمنمنمة رسم صغير ودقيق مفصَّل، وجزء من مخطوطة مزخرفة. هذه الزخارف تشبه تحديداً ما تسعى إليه الخالدي والأعضاء المؤسسون لـ «فضاء»، فهي تجمع وتحيك منمنمة من منمنمات المسرح العربي، واحدة تلو الأخرى، لتشكّل من بساط مزخرف تاريخاً وأرشيفاً للمسرح العربي.
الليلة في «دار النمر»، سيحيك أربعة مسرحيين فلسطينيين منمنماتهم على بساط «فضاء»، وسيخبروننا عن مسيرتهم المسرحيّة وأهم محطّاتها، ليسهموا في أرشفة جزء يتناول موضوع المسرح الفلسطيني في لبنان.

* «منمنمات فلسطينية» س: 21:00 مساء اليوم ــــ «دار النمر للفن والثقافة» (كليمنصو) ــــ الدخول مجاني ـــ للاستعلام: 01/367013