في أجواء احتفال حزب الله بذكرى مرور أربعين سنة على انطلاقته، قدّمت المنطقة الأولى في الحزب العرض الأوّل للعمل المسرحي Time line (الخط الزمني ــ كتابة نسرين إدريس قازان ورؤية وإخراج هداية سنان) على مسرح سينما 2000AK في صور (جنوب لبنان).العمل يحكي سيرة المقاومة الإسلاميّة منذ انطلاقتها، من خلال أربعة شبان يعدّون في عام 2022 فيلماً عن تاريخ المقاومة من لحظات الخوف التي عاشها الجنوبيّون قبل وجود المقاومة، مروراً بزمن تحرير الجنوب والبقاع الغربي عام 2000 والذي بات يُعرَف بالتحرير الأوَّل، وصولاً إلى الانتصار على التكفيريين ورفع الراية الصفراء للمقاومة فوق الجرود أو «التحرير الثاني».
ولم تجد الكاتبة نسرين إدريس مقترحاً حكائياً لعرض المسار الذي سلكته المقاومة أفضل من إسقاطه على سيرة واحد من أبطالها وأفراد الرعيل الأوَّل فيها وهو «شيخ المقاومين» الشهيد أحمد يحيى (أبو ذر)، ليتماهى الفردي مع الجمعي والخاص مع العام، ويغدو المتلقّي أكثر قدرةً على فهم أسباب وكيفيَّة انتقال المقاومة إلى مرحلة الاقتدار والقوة التي تعيشها اليوم، انطلاقاً من الروحيّة التي يمتلكها أبناؤها ومدى استعداد عائلات كاملة بأجيالها المختلفة للتضحية بلا حدود.
ينطلق الخط الزمني لعائلة «أبو ذر» من استشهاد والده مزارع التبغ الحاج حمد يحيى أثناء الاجتياح الأوَّل في عام 1978 على يد قوَّات العدوّ التي اختطفته من حقله في بلدة رشاف وعمدت إلى قتله ورمي جثته في بئر، في واحدة من جرائم كثيرة ارتكبها العدو وسط عجز تام للأهالي عن الثأر والانتقام والمواجهة فضلاً عن إمكانيّة الردع المسبق، ونزوح العائلة اضطرارياً إلى بيروت وانصراف الشهيد إلى العمل لإعالة الأسرة بالتزامن مع دراسته الجامعيَّة، ثمَّ مشاركته في معركة خلدة البطوليَّة الشهيرة، ومغادرته بعدها إلى مدينة قمّ في إيران لدراسة العلوم الدينيَّة في عام 1982، قبل أن يعود للمشاركة في المقاومة مصرّاً على أن يكون مقاتلاً لا مجرّد مبلّغ على الجبهة كغيره من علماء الدين، وصولاً إلى الحسرة التي عاشها مع اقتراب التحرير إذ ظنّ أنّ فرصة الشهادة التي انتظرها طويلاً قد فاتته، والحكاية الشهيرة عن معاتبته آنذاك لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أثناء لقائه به في ذكرى أحد الشهداء في بلدة بدنايل البقاعيَّة لعدم سماحه له بتنفيذ عمليّة استشهاديّة، ليكون نصيبه الاستشهاد في الخامس والعشرين من أيار من عام 2000 بعد تعرّضه لإصابة على تخوم بلدته رشاف أثناء مشاركته في تحريرها في الثاني والعشرين من أيار من العام نفسه.
ويُختتَم العمل مع الجيل الثالث في عائلة يحيى وفي عائلة المقاومة نفسها، والذي يمثّله نجل الشهيد «علي» الذي ورث من أبيه هدوءه ووعيه ورصانته وتواضعه وشغفه بالمقاومة وتوقه للشهادة وحتى اسمه الجهادي «أبو ذر»، واستشهد في عام 2015 في مواجهة التكفيريين في جرود البقاع، وتشاء المصادفة أن يكون يوم استشهاده هو الخامس والعشرين من أيار أيضاً!
وقد اقتصر عدد الممثلين في Time Line على أربعة تصدّوا وحدهم لتقمّص جميع الأدوار في الأزمنة المختلفة التي يظهّرها العمل، من الزمن الحالي حيث يتناقش أربعة أصدقاء بينهم كاتب ومخرج حول الطريقة الأفضل لإنجاز فيلم يحكي سيرة المقاومة، إلى زمن ما قبل المقاومة، ثمّ إلى زمن المقاومة والتحرير، وصولاً إلى زمن الحرب على التكفيريين، والممثلون الأربعة هم محمد خميس (مصطفى/ المخرج/ قائد في المقاومة)، علي الرضا سبيتي (حيدر/ ممثل/ مسؤول محور عمليات)، محمد قندولي (ربيع/ الكاتب/ الشهيد الشيخ أبو ذر ووالده وابنه)، محمد موسى (حمزة/ ممثل/ مقاوم).
وقد نجح الممثلون في إنجاز المطلوب منهم وتقديم نصّ نسرين إدريس على الخشبة بأفضل صورة ممكنة، وسُجّل تمرير بعضهم إيفيهات ولمحات كوميديّة في الحوارات العائدة للخط المعاصر في العمل تحديداً، بهدف كسر حدّته وإضفاء بعض الطرافة التي لا يمكن تمريرها في مواضع أخرى من المسرحيَّة بطبيعة الحال، كما كان لافتاً قيام المخرجة ـــ التي أجادت لعبة الإضاءة فكانت عاملاً من عوامل نجاح العمل ـــ بربط فصول المسرحيَّة ببعضها عن طريق مشاهد مصوّرة توثيقيّة قدّمت الأجزاء الناقصة من مسار رحلة المقاومة، بشكل أضفى بعض التقريريّة على العمل ولكنه كان مفهوماً ومبرّراً في ظل الحاجة إلى اختصار الوقت والحفاظ على التسلسل الزمني السليم للأحداث في آنٍ واحد.
وبحسب الممثل والمخرج محمد خميس أحد أبطال Time Line فإنّ المسرحيّة ستنتقل قريباً إلى مناطق لبنانيَّة مختلفة يُعلَن لاحقاً عنها وعن مواعيد العرض فيها.