انتقلت أعماله إلى الشاشة الكبيرة منها «أساطير الخريف»
كتاباته حيوية وعنفية، فيها روح أسطورية عن أميركا الريفية في القرن العشرين وحبّ شرس للحياة. مسيرته المهنية غزيرة: أنجز 21 رواية و14 ديواناً شعرياً، إلى جانب مذكراته وكتب الأطفال. شاهدنا قصصه على الشاشة الكبيرة، أشهرها «أساطير الخريف» (Legends of The Fall ــــــ1995) من إخراج إدوارد زويك، وبطولة برات بيت وأنطوني هوبكنز. قصة ملحمية عن ثلاثة أشقاء يقاتلون من أجل العدالة في عالم أصبح مجنوناً. بالانتقال من المناظر الطبيعية لمونتانا في أوائل القرن العشرين إلى ساحات المعارك الأوروبية الملطخة بالدماء في الحرب العالمية الأولى والعودة مرة أخرى إلى مونتانا، تستكشف قصة هاريسون تيمات الانتقام والإجراءات التي يلجأ إليها الناس عندما تكون حياتهم أو مصالحهم مهددة. يرسم صورة لا تُنسى لرجل القرن العشرين. من تأليفه أيضاً، شاهدنا فيلم «انتقام» (Revengeـــ 1990) من إخراج توني سكوت، وبطولة كيفن كوستنر، وأيضاً «ذئب» (Wolf ــــ 1994) من بطولة جاك نيكلسون. بدأت مغامرات جيم هاريسون مع السينما عندما أعطاه جاك نيكلسون ثلاثين ألف دولار للعيش منها خلال كتابة قصصه للسينما. ألّف «أساطير الخريف» في عشرة أيام و«انتقام» في أسبوعين.
حياة هاريسون وكتاباته التي لخّصناها ببضعة أسطر، تحمل معلومات أكثر من الوثائقي الذي يقول إنه يقدم بورتريهاً عن واحد من أعظم الكتّاب الأميركيين. أخذنا فرنسوا بوسنال وأدريان سولان إلى ولاية مونتانا حيث يعيش هاريسون. قبل وفاته، كان رجلاً عجوزاً، بتجاعيد محفورة على وجهه، وعين لا يرى فيها منذ صغره، لكن فيها شيء من الحكمة. مدخّن شره، ذو شعر نادر وأشعث، وشاربين صغيرين ملوّنين من النيكوتين. الرجل الأميركي القوي الذي دعانا طوال الفيلم للعودة إلى الأساسيات والعيش في وئام مع الطبيعة، مترنّح. يداه تهتزان طوال الوقت. صوته غليظ لا تفهم كلماته بسهولة. يمشي بتثاقل، لكنّه سعيد وأفكاره لا تنضب. بالكاد، ذكر هاريسون روايتَين أو ثلاثاً: «ذئب» الذي جلب له الشهرة، وتحفته «دالفا» الذي قال إنه حلم بها قبل كتابتها. تكلم باقتضاب عن بداياته في السينما مع جاك نيكلسون... حياته في الطبيعة وكيف أنه لا يحب المدن الكبيرة. تحدّث أيضاً عن زوجته، عن الموسيقى والنسوية، والاستعمار الأميركي والأوروبي، وعن الطعام والحب، وعن الهنود الحمر، سكّان أميركا الأصليين الذي يحتفظ بذكراهم ويروي قصصهم. لكن أحاديثه مقطوعة، أخذ المذيع والمخرج بضع دقائق من كلماته عن كل موضوع وقطعا الباقي. لم يتعمّقا في شيء، إلى درجة أنّ كلمات هاريسون عن أي موضوع، جاءت سطحية جداً لأنها مقتطعة من سياقها. رأيناه في مكتبه مع أقلامه وأوراقه، وأخذنا في رحلة سياحية في هذا الغرب المتوحّش الذي يشكل العمود الفقري لرواياته.
نشعر بالارتباك خلال مشاهدة الوثائقي. نطالب بالتتمة، نريد كامل الجمل، نريد كل أفكاره، ونترك الغرفة غاضبين... «وحدها الأرض أزلية» مختزل، يشكّل أفضل مثال عن كيف يمكن ذبح صورة كاتب كبير في ساعتين! فرنسوا وأدريان أنانيان، أمضيا ثلاثة أسابيع مع هاريسون قبل وقت قليل من وفاته ولم يشاركاننا بأي شيء.
Seule la terre est éternelle لفرنسوا بوسنيل وأدريان سولان