بعد غياب نسبي؛ يعود المسرحي توفيق الجبالي (1944) إلى الخشبة بعمل يواصل فيه مغامرة البحث والتجريب ويقدّم من خلاله عملاً مختلفاً عن السائد وصفه بأنه «مسرحي آلاتي». يحمل العرض عنوان «على هواك» اقتباساً من القاموس الموسيقي عندما يردد المغني مقاطع موسيقية من دون التزام ببرنامج محدد سوى «الهوى» والعشق. عمل تم انجازه بهدي من الراحلة زينب فرحات رفيقة درب الجبالي وشريكته في منجزه الفني منذ ثمانينات القرن الماضي. وكان يفترض أن يكون العرض الأول لـ «على هواك» يوم 10 تموز (يوليو) الحالي في افتتاح «مهرجان الحمامات الدولي» لكن الافتتاح تأجّل إلى شهر آب (أغسطس). جمع الجبالي في هذا العمل مجموعة من الشبان من العاملين في مختبر «التياترو» بين ممثلين وموسيقيين. يقول الجبالي في تقديمه للعمل: «تهدف التجربة إلى البحث في الكيان الموسيقي ما يدعم الخبرة المسرحية وما يتاخمها من مشاعر ولغات تتجانس في وضعياتها. إنه مسرح آلاتي بالضرورة وليس مسرحاً موسيقياً بما يتيح إلغاء مفاهيم السرد والشخصية والتمثيل والأداء الموسيقي». ويضيف: «الموسيقى كفن يفترض أن تكون شرفتنا على العالم في كونيته وشموليته وروعته. نحن ندوس بها على أكثر الأشياء قداسة بأناملنا العازفة بلا روح وحناجرنا المحشرجة لأصوات أقرب للنحيب والعويل تحت مسوغ «التطريب». ندوس على العناصر الأساسية لتعريف الموسيقى كفن حمّال لسلم قيم جمالية لا تنضب منقلبة على ذاتها ومحيطها باستمرار». ويحدد توفيق الجبالي هدف هذا العمل بكسر العلاقة القائمة بين الموسيقى والمسرح في العرض، إذ تصبح الموسيقى جزءاً من العرض وليست مكملاً له من خلال كتابة تستحضر التراث الموسيقي التونسي وتطرح أسئلة تستفز الذاكرة الجماعية. الموسيقى في هذا العمل ليست مصاحبة للأداء المسرحي بل منخرطة فيه وجزء منه مثل السينوغرافيا والنص وتركيب الشخصيات وبالتالي خروج الموسيقى من دورها التقليدي إلى الفعل المسرحي. لذلك وصف الجبالي عمله الجديد «على هواك» بأنه عمل «مسرحي آلاتي». هذه المسرحية التي يتطلع إليها الجمهور التونسي الذي رافق تجربة توفيق الجبالي منذ بداية الثمانينات ذات التوجه التجريبي الخارج عن المألوف، يتوقع أن يكون عرضها في صيف 2021 مالم يزداد الوضع الوبائي في البلاد سوءاً.