وجدت دراسة رائدة في الصحة النفسية متمحورة حول الصحة النفسية لفينسنت فان غوخ (1853 ــ 1890) في السنوات التي سبقت انتحاره مباشرة، أنّ الفنان الهولندي كان يعاني من هذيان، ويرجع ذلك جزئياً إلى انسحاب الكحول من جسمه بعد قطع أذنه ونقله إلى المستشفى.أشار مقال نشره باحثون في المجلة الدولية للاضطرابات ثنائية القطب إلى أدلة على أنّ فان غوخ كان يعتمد بشكل متزايد على النبيذ والأفسنتين من عام 1886 حتى وفاته في 29 تموز (يوليو) 1890 عن عمر يناهز 37 عاماً، وفق ما نقلت صحيفة «ذا غارديان» البريطانية.
كانت السنوات الثلاث الأخيرة من حياة فان غوخ الأكثر غزارة على صعيد الإنتاجية، إذ رسم أكثر من 30 بورتريهاً وسلسلة من سبع لوحات لزهور عباد الشمس.
عندما كان شاباً، كانت هناك علامات على إصابته باضطراب المزاج ثنائي القطب، مع سمات اضطراب الشخصية الحدية، ولكن هذا «من المحتمل أن يتفاقم بسبب اضطراب تعاطي الكحول المصحوب بسوء التغذية، والذي أدى بعد ذلك، إلى جانب التوترات النفسية الاجتماعية المتزايدة، إلى كارثة تمثّلت بقطع أذنه»، قال مؤلفو الدراسة، بقيادة الأستاذ الفخري للطب النفسي ويليم نولين من جامعة «غرونينغن» في هولندا.
بعد تسليم أذنه لامرأة في بيت دعارة، أُدخل فان غوخ إلى المستشفى ثلاث مرات متتالية في آرل (فرنسا)، بين كانون الأوّل (ديسمبر) 1888 وأيار (مايو) 1889، ثم نُقل بعد ذلك إلى «سان ريمي دي بروفانس».
خلال إقامتين في المستشفى، كتب فان غوخ أنّه عانى من «هلوسة لا تطاق» وقلق وكوابيس. ووصفها بأنّها «حمى ذهنية أو عصبية أو جنون... لا أعرف ما أقول ولا كيف أسميه».
يقترح الباحثون أن الأعراض مرتبطة بفترة قسرية بدون كحول. ويضيفون أنّ الهذيانين المتعلقين بالانسحاب أعقبتهما «نوبات اكتئاب شديدة (واحدة منها على الأقل بسمات ذهانية) لم يتعاف منها تماماً، مما أدى في النهاية إلى انتحاره».
تنبع النظرية من فحص 902 رسالة من رسائل فان غوخ، 820 منها مكتوبة لأخيه ثيو وأقارب آخرين، بالإضافة إلى مقابلات مع ثلاثة مؤرخين درسوا الفنان بعمق.
كما لا يستبعد المشاركون في الدراسة أنّه كان يعاني من الصرع في أشهره الأخيرة، «مما أدى إلى تعبير شديد التباين عن القلق والأوهام والهلوسة».
وأضافت الدراسة: «على الرغم من كل هذه المشاكل التي ساهمت في مرضه، إلا أننا نود أيضاً أن نؤكد أن فان غوخ لم يكن رساماً عظيماً ومؤثراً للغاية فحسب، بل كان أيضاً رجلاً ذكياً يتمتع بقوة إرادة هائلة ومرونة ومثابرة».