لم تكن نتائج الاستفتاء الشعبي الذي جرى في حزيران (يونيو) 2016 وأدى إلى انسحاب المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبيّ خبراً ساراً لجميع البريطانيين، بالأخص هؤلاء الذين لم تسنح لهم الفرصة بإدلاء أصواتهم وتقييم تلك الخطوة. هذا الأمر دفع مجموعة من الفوتوغرافيين الذين تراوح أعمارهم بين الـ 13 والـ16 عاماً إلى الائتلاف تحت مظلة «معرض برايتون» الذي يُقام كل سنتيْن والمستمر حتى نهار 28 من الشهر الجاري، لاستعراض وتوثيق هواجس وآراء حيال القرار المفاجئ والمفصليّ.تحت عنوان «أوروبا الجديدة»، يطلق الشبان المساهمون في الحدث العنان لتطلعاتهم وتكهناتهم المتعلقة بمستقبل البلاد، من خلال مروحة متنوعة من الشرائط والأعمال المصورة، تم احتواؤها في فضاءات متعددة من المدينة المستضيفة. وقد أكدت القيّمة على المشروع شُوير مافليان، في حديث لها مع صحيفة الـ «غارديان» البريطانية، أن الهدف من هذه المبادرة لا يقتصر على «التنقيب في عملية الانسحاب نفسها، بقدر ما هو قائم على إفساح المجال للناس لتداوله ومناقشته». أما عن اختيار إسم الفعالية، فتقول مافليان إنه «جرى انتقاؤه ليكون غامضاً بشكل عمدي، وقد تم استخدامه مرات عدة من ذي قبل، من قبل هتلر مثلاً. إلا أن هذه العبارة وبعد انهيار الستار الحديديّ عام 1946، باتت تحمل معنى مختلفاً: أوروبا ليست ثابتة، إنما هي في حالة تغير دائم».
ولعل التسارع الدينمايكيّ الذي لا تزال تشهده الساحة الأوروبية منذ انجلاء تلك الحقبة، كان الدافع الرئيس لجوء العديد من المصورين إلى استعادة الكثير من الأعمال الأرشيفية وتجميعها، كتلك التي توثق عملية بناء مضيق المانش الذي يصل بريطانيا بفرنسا في خواتم الـ1980، وتصور عدداً من القائمين على المشروع كجان كلود يونكر، الذي بات يشغل منصب رئيس المفوضية الأوروبية في الوقت الحاليّ.
ويشتمل المعرض على لقطات عديدة عائدة إلى فوتوغرافيين قُدامى، كأعمال بيل برانت (1904_ 1983) التي تُعد واحدة من أوائل التجارب الفوتوغرافية في المملكة، وتسلط الضوء على الصراع الطبقي المهيمن على التاريخ البريطانيّ الحديث، بالإضافة إلى أخرى أكثر حداثة كتلك العائدة إلى الفنانة تيريزا سيرفينوفا (1991) الي دأبت على تصوير التغيرات في أوروبا بشكل يومي منذ انتهاء الاستفتاء، بغية مقاربتها بسابقاتها من الأحداث والمجريات المصيرية. واختار إيميريك لويسيه التوغل في حكايا الأجيال المتعاقبة المغتربة من الشرق الأوسط إلى أوروبا من خلال منظار تجريبيّ محدّث يقوم على تشكيل الصور في هيئة لونية زرقاء موحدة Cyanotype. كذلك، تنشغل هارلي وير القادمة من عوالم تصوير الأزياء، بالتقاط معالم البؤس في مخيم اللجوء المسمى «جانغل» في مدينة كاليه الفرنسية، من خلال الإضاءة على ضراوة العيش وهشاشة البنى والخيم، بالإضافة إلى العطب الضارب بالمظاهر المعيشية الاعتيادية كالملابس والطعام.