لم يقتصر عمل غرف العمليات الاستخبارية في الحرب على سوريا مقتصراً على تمزيق خريطة البلاد وتدمير البنية التحتية للمدن، وتحطيم الجسور والسكك الحديد، إذ اتجهت أنظار هؤلاء البرابرة إلى الآثار أيضاً، لمحو تاريخ الحضارة السورية العريقة، من تدمر وبصرى إلى الأسواق القديمة في حلب. اليوم تكشف المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا عن تعرّض عدد من المواقع الاثرية في دير الزور (شرق سوريا) لأضرار كبيرة نتيجة عمليات التخريب التي قامت بها التنظيمات التكفيرية، وأبرزها موقع «ماري» أحد أقدم المدن الأثرية المكتشفة في البلاد. الحصيلة الأولية للأضرار، وفقاً لعمل آثاريين متخصصين تؤكد على وقوع دمار كبير لمعظم الأبنية الأثرية، ومنها «قصر زمري ليم» الذي يعود تاريخه إلى الألف الثاني قبل الميلاد، بالإضافة إلى أعمال تنقيب عشوائي في كل أرجاء الموقع.
الأضرار في موقع ماري الأثري (عن الويب)

وكانت صور فضائية التقطتها أقمار اصطناعية قبل ثلاث سنوات، قد اظهرت حجم التخريب الممنهج الذي طال المواقع الاثرية في دير الزور، وتدمير سويتها الأثرية، ما يعيق فهم التطورات التاريخية لهذه المواقع من جهة، ومحو الذاكرة الحضارية السورية من جهةٍ ثانية. وكانت آخر عملية تدمير للآثار السورية هي تخريب موقع «عين دارة» في منطقة عفرين على يد القوات التركية خلال احتلالها لهذه المدينة. كما قامت مافيات عالمية طوال سنوات الحرب بعمليات تهريب عدد كبير من الآثار السورية إلى خارج الحدود، عدا تحطيم النصب في معظم المدن السورية باعتبارها أصناماً، كما حدث لتمثالي المعرّي وأبي تمّام.