الرباط | بكثير من النضال الثقافي والمجهود الذاتي، يواصل «الملتقى الدولي للشعر» في آسفي طريقه في محيط يبدو أنه ضد الشعر. هذا النوع من التظاهرات الثقافية لا يحظى بالاهتمام اللازم من لدن الجهات المسؤولة في المغرب، ولا بالدعم الكافي الذي يتيح له أن يكون وفق تصورات القائمين على تنظيمه.
الدورة الخامسة التي تنطلق اليوم الأربعاء في مدينة آسفي الساحلية (250 كلم جنوب الرباط)، وتستمر إلى 31 آذار (مارس)، تحمل اسم الشاعر عبد اللطيف اللعبي تكريماً لواحد من أكبر رموز الأدب والنضال في تاريخ المغرب المعاصر. اختارت الجهة المنظمة أن تكون القصيدة الأميركو لاتينية ضيف الشرف عبر استدعاء أسماء من بلدان القارة السحرية مثل: ماريا فرازديل (دومينيكان)، مريام بيانشي (الأورغواي)، روكسانا كريسلوغو (البيرو)، ايريس ميراندا (بورتو ريكو)، كارلا كورياس (السلفادور)، مادلين ميلن (بورتو ريكو)، مارلين دينيس فال (كوبا) وألفريدو فريسيا (البرازيل)، فضلاً عن أسماء أخرى من أوروبا: رولف دوبنبورغ (سويسرا)، هلال كاهاران (تركيا)، أتيلا بالزاس (سلوفاكيا)، لامب (هولندا)، زينغونيا زينغون (إيطاليا)، بيدرو انريكيز (اسبانيا)، كامران ميرهازان من الهزارستان (النرويج)، إضافة إلى كلودين بيرترون ونوارا أتالا من كندا.

حلول القصيدة الأميركو لاتينية ضيفة شرف على الحدث
أما الحضور العربي، فتمثله هذه السنة مجموعة من الأسماء من داخل المغرب وخارجه: صلاح بوسريف، مليكة العاصمي، حسين حبش، إيمان الخطابي، مبارك الراجي، إيمان زياد، عزة حسين، أحمد الفلاحي، سميرة عبيد.
تشهد الدورة الجديدة تنظيم حلقة نقاش حول الشعر والحرية، إضافة إلى إجراء لقاءات مفتوحة مع الشعراء المدعوين في العديد من المؤسسات التربوية في المدينة، فضلاً عن المسابقة الشعرية المخصصة لطلبة الثانوي، التي صارت حدثاً سنوياً معروفاً في المدينة.
اللافت في «ملتقى آسفي» أنه لا ينتهي عند الأنشطة المقامة في المدينة، بل يمتد إلى أربع مدن أخرى هي اليوسفية ومراكش وسط المغرب وكَلميم في الصحراء وخنيفرة في جبال الأطلس، في رحلة شعرية واستكشافية تجمع الثقافي والسياحي.
تسهم وزارة الثقافة مع جهات حكومية أخرى في دعم المهرجان بشكل نسبي، غير أن هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة تحتاج المزيد من الدعم المادي واللوجيستي حتى تواصل مهمتها في استقطاب أسماء شعرية من مختلف الجغرافيات، والاحتفاء بهذا الجنس الأدبي في زمن أصبحت مختلف الجهات المحتضنة والداعمة تميل أكثر إلى أجناس أخرى عدا الشعر.
وفي تصريح إلى «الأخبار»، يقول عبد الحق ميفراني رئيس الجهة المنظمة ومدير الملتقى: «اخترنا في «مؤسسة الكلمة للثقافة والفنون» في آسفي، تنظيم ملتقى دولي للشعر، كفضاء رمزي للقاء الشعراء وللحوار حول الحاجة إلى الشعر في عالم متحول يتجه أكثر لاستلاب إنسانية الإنسان. منذ الدورة الأولى (2013) إلى الدورة الخامسة (2017)، سعينا لأن يكون الملتقى جسراً لحوار شعري بين جغرافيات شعرية متباعدة. وحين ربطنا هذا المسعى، بإضافة فقرات أخرى، إلى جانب القراءات وحلقات النقاش كمسابقة الإبداع التلاميذي في الشعر، فإننا رغبنا أن ننتصر لمستقبل الشعر من خلال الطفل». ويضيف: «وتعتبر الرحلة الشعرية مكوناً أساسياً لهوية المهرجان، في قدرتها على تجسير الهوة بين الأمكنة وتحويل الشعر إلى جسر لتمتين أواصر المحبة والصداقات. الرحلة الشعرية التي تقودنا من مدينة آسفي، موطن ملتقاها الدولي، إلى مدن متباعدة في المغرب، من البحر إلى الصحراء إلى السفح إلى الجبل، يحلق الشعر بشعرائه بعيداً في موطنه الأصلي كينونة الإنسان، التي بدأ يفتقدها اليوم في عالم يزداد إفلاساً. ستظل الحاجة إلى الشعر، حاجتنا إلى عالم قادر على ضمان كنه الإنسان وقيمه. ولعلنا في ملتقى آسفي، وعلى امتداد دوراته، نحاول أن نطعم هذه البذرة، كي تظل مشبعة بالحياة».