منذ عشرة أيام، ينفذ مكبّ سرار في محافظة عكار حكمه بالموت البطيء على الآلاف من سكان البلدات المجاورة مثل حميرين، وقشلق، ووادي الحور، والعبودية، والشيخ عياش، وعمار البيكات... بعدما اندلعت النار في المكب الذي تملكه شركة «الأمانة العربية»، في ظل تقاعس القوى الأمنية عن التحقيق في سبب اشتعال الحريق، وفي وقت تواصل فيه شاحنات النفايات تغذية الحريق برمي حمولاتها في المكب المشتعل.المكب نفسه تسبب منذ سبعة أشهر في اندلاع أزمة نفايات في عكار بسبب عدم استيفاء الشركة مستحقاتها الشهرية. وتفاقم الأمر بسبب خلافات عائلية في شباط الماضي على ملكية الأرض بين صاحب الشركة المالكة للمكبّ خلدون الياسين وإخوته، وتوقيف الأول بعد إطلاقه النار على شقيقه. أدى ذلك إلى إقفال المكب الوحيد في المحافظة وإغراقها بالنفايات، قبل أن يكسر وزير البيئة ناصر ياسين ومحافظ عكار عماد لبكي احتكار «الأمانة العربية» منذ عقود لجمع النفايات وطمرها، عبر السماح لشركة منافسة يملكها إخوة الياسين بالجمع والطمر في أرض ملاصقة للمكب.
لبكي قال لـ«الأخبار» إن «ما يجري كارثة وجريمة بيئية»، مؤكداً أن حريق المكب مفتعل، واشتعال النار بهذا الشكل يؤكد تراكم أطنان من النفايات من دون طمرها كما يجب، وهو ما وثّقته بنفسي قبل أيام من اندلاع الحريق». وعن التحقيقات، قال «إننا بانتظار قرار المدعي العام البيئي، وخصوصاً أنه معروف من يستخدم موقع الحريق، وهو نفسه كدّس النفايات على مدار عقود». ولفت إلى أن 36 بلدية تعاقدت مع الشركة المنافسة لشركة الأمانة لجمع النفايات وطمرها بعدما قدمت أسعاراً مخفضة راوحت بين 30% و50%، ما ترك ارتياحاً لدى البلديات والأهالي في ظل الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة».
ويؤكد أهالي البلدات المجاورة للمكبّ وجود عمال فيه، وإفراغ شاحنات حمولاتها من النُّفايات في داخله أثناء اشتعاله، فيما يتذرّع صاحب المكبّ بمنعه من الدخول إليه لتفقد ما يجري. وقال عضو لجنة متابعة موضوع مكبّ سرار مرعب العبدالله لـ«الأخبار» إن الأمور «لم تعد تحتمل، والمطلوب حلّ جذري من الوزارات المعنية، وإلا سنلجأ الى حماية أنفسنا بأنفسنا ولن نسمح بتكرار هذه الممارسات»، لافتاً إلى أنها ليست المرة الأولى التي تضرم فيها النيران عمداً في المكب للتخلص من الأطنان المكدسة. هذه جريمة يجب المحاسبة عليها، ولكن للأسف القوى الأمنية لم تتحرك على الإطلاق».
مصادر بيئية متابعة أكدت أن ما يجري هو «شدّ حبال بين طرفين ضمن العائلة، كل منهما يتّكئ على خلفية سياسية لحمايته، فيما المكبّان متساويان لجهة الفوضى وعدم الأهليّة والافتقار إلى أيّ ترخيص قانوني. ولكن، في ظل عجز البلديات، ينبغي إبقاء المنافسة ما دام الضرر واحداً والأرض واحدة، والعمل على تأهيل المطمرين وإشراكهما بمعمل الفرز المنتظر العمل به».