ثلاثة عشر حزباً يسارياً حشدها الحزب الشيوعي اللبناني في اجتماع مجموعة العمل التابعة لـ«اللقاء العالمي للأحزاب الشيوعية والعمالية» (IMCWP) السبت الماضي، تمهيداً لاستضافة «اللقاء العالمي» الـ24 في لبنان، بالتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي اللبناني في 24 تشرين الأول 2024.

ورغم أن جلسات الاجتماع التي انعقدت في فندق «ماريمبا» في الدامور كانت مغلقة، وهدف الاجتماع التحضير للقاء المقبل، يمكن الاستخلاص من البيان الافتتاحي الذي ألقاه الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب، ومن البيان الختامي لمجموعة العمل، أن الجلسات تمحورت حول القضية الفلسطينية وضرورة إيجاد مشروع نضالي مشترك لهذه الأحزاب، إذ قال غريب في افتتاح الجلسات: «يكتسب اجتماعنا أهميته القصوى في الإجابة على السؤال الكبير: ما العمل؟ وكيف نتحرك؟»، لافتاً إلى أن «تصعيد حملة الدعم والتضامن لفرض وقف إطلاق النار الدائم وتلبية مطالب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، ووقف العدوان على لبنان وجنوبه، خطوة مطلوبة وملحّة، لكنها تحتاج إلى مسار سياسي تتكامل فيه وتتوحّد أدوار أحزابنا الشيوعية ومسؤولياتها لتصب في إطاره وتوظف فيه كل أشكال الدعم والتضامن». واعتبر أنه «ليست كل مقاومة حركة تحرّر وطني واجتماعي بالضرورة، لكن كل حركة تحرر وطني واجتماعي هي حكماً حركة نضال للتغيير في مختلف المجالات الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وبشتى أساليب النضال وصولاً إلى أرقى أشكاله في المقاومة المسلحة وفق ما تقتضيه الظروف». وأضاف أن «الخلاف بين الاثنين لا يمنع التقاطع بينهما في مواجهة الاحتلال والعدوان الصهيوني، وهو ما نحن عليه الآن في هذه المواجهة»، وأكّد أن الحزب الشيوعي «سيكون مدافعاً عن أرضه ووطنه وشعبه ضد أي تصعيد عدواني»، داعياً إلى «العمل معاً لتعديل ميزان القوى»، لافتاً إلى أنه «مع تصاعد العدوان، تحتاج (الحملة) إلى مسار سياسي تتكامل فيه أدوار أحزابنا الشيوعية ومسؤولياتها لتصبّ في إطاره وتوظف فيه كل أشكال الدعم والتضامن».
غريب: الشيوعي سيكون مدافعاً عن أرضه ووطنه وشعبه ضد أي تصعيد عدواني


وأدانت مجموعة العمل، في البيان الختامي، «حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة، والاعتداءات المجرمة في الضفة الغربية والقدس، وضد لبنان وشعوب المنطقة»، والتي «تأتي بدعم كامل من حكومات الدول الإمبريالية وحلف شمال الأطلسي، وعلى رأسها الولايات المتحدة». وأكّدت دعمها «لحق شعوب المنطقة في مقاومة الاعتداءات والاحتلال وتحرير أراضيها، وعلى رأسها الصمود البطولي للشعب الفلسطيني في غزة، وعلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته الوطنية المستقلّة وعاصمتها القدس، وعودة جميع اللاجئين وفق القرار 194»، وحيّت «المقاومة التي تبديها شعوب العالم قاطبةً ضد الهيمنة الإمبريالية وجرائمها وعقوباتها وضد حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال».
واتُّفق على اختيار لبنان لعقد «اللقاء العالمي» الـ24، بناءً على توصيات اللقاء الأخير الذي نظّمه الحزب الشيوعي التركي في إزمير بتركيا في تشرين الأول الماضي، وحضره 121 مندوباً من 68 حزباً من 54 دولة. ومن غير المؤكد حتى الآن عدد الأحزاب التي ستشارك في اللقاء المقبل، علماً أن «اللقاء» يضمّ 128 حزباً، «من غير المتوقّع أن تتحد خلف برنامج عمل موحّد»، وفقاً لأحد المصادر، مشيراً إلى أنه «رغم الصبغة الشيوعية للأحزاب الأعضاء، إلا أن آراءها متفاوتة». وأوضح أن «المثال الأوضح على ذلك هو الحزب الشيوعي الفرنسي الذي أصدر بياناً ساوى فيه بين الفعل المقاوم لحركة حماس في عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي، وإجرام الاحتلال الإسرائيلي».



المشاركون
الحزب الشيوعي اليوناني، الحزب الشيوعي التركي، الحزب الشيوعي الفلسطيني، حزب الشعب الفلسطيني، حزب العمال الكوري، الحزب الشيوعي في بوهيميا ومورافا (التشيكي)، الحزب الشيوعي البرتغالي، الحزب الشيوعي الصيني، الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية، الحزب الشيوعي الكوبي، الحزب الشيوعي لشعوب إسبانيا، الحزب الشيوعي العراقي، الحزب الشيوعي السوري الموحّد والحزب الشيوعي اللبناني. وانضمت إليها في التوقيع على البيان الختامي أحزاب لم تشارك في اللقاء مثل: الحزب الشيوعي السوداني، الحزب الشيوعي الهندي (الماركسي)، الحزب الشيوعي في البرازيل، حزب العمال المجري، الحزب الشيوعي الإسباني، الحزب الشيوعي لعمال إسبانيا، الحزب الشيوعي في إيطاليا وحزب العمال الشيوعي الروسي.


مشاركون: تقدير لدور المقاومة في وجه الاحتلال
اعتبر عضو قيادة الحزب الشيوعي التركي مراد أكاد أن «من المهم عقد اللقاء في لبنان». وقال لـ«الأخبار» إن الاجتماع «كان إيجابياً ومثمراً». واعتبر أن «ردود الفعل على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إيجابية من وجهة النظر السياسية»، وأن «جهود المقاومة الفلسطينية، التي انضمت إليها المقاومة اليمنية واللبنانية والعراقية من شأنها أن تنعكس على الوضع السياسي في العالم كله». وأكّد على «ضرورة النضال من أجل التحرر الاجتماعي والاشتراكية». ولفت إلى أن «مقاومة الشعب السوري ونظامه والقوى التقدمية وتوحّدها في سوريا، كل ذلك كان مهماً، وشكّل أول عقبة مهمة أمام الإمبريالية التي لم تستطع أن تصل إلى أهدافها رغم إشعال الثورة المخملية في سوريا ودعم الفصائل المسلحة». ورأى أكاد أنه رغم أن «القوى الصاعدة تسبب المشاكل للقوى الإمبريالية، لكنّ المشكلة تكمن أيضاً في أنها رأسمالية. ولذلك لا يمكن أن تعتمد القوى التقدمية على القوى الصاعدة، بل يجب أن تنشئ طريقها الخاص للتوصل إلى التحرر الاجتماعي الحقيقي، عبر القيام بالثورات والوصول إلى السلطة».
بدوره أكّد نائب الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي بسام محيي على «حق الشعب الفلسطيني بأن يختار طريقة مقاومته». وقال لـ«الأخبار»: «تبقى القضية الرئيسية، وهي عملية التحرر الوطني والاجتماعي، مرتهنة بالقوى الوطنية الفلسطينية نفسها»، مشيراً إلى أنه «للأسف الشديد القوى الفلسطينية غير منسجم بعضها مع بعض»، و«المهمة الأولى أمام المقاومة الفلسطينية توحيد الموقف الفلسطيني، تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، بغضّ النظر عن الخلافات». أما القوى الأخرى المقاومة، التي يصفها محيي بـ«الميليشيات والفصائل المسلحة، فلها الحق في المقاومة ولكن يجب أن تخضع لعملية تنظيم، نظراً إلى أنه لا يحركّها دافع وطني، بل تحركها دوافع إما ذاتية، أو خارجية كونها مدعومة من إيران»!
فلاديمير خارشنكو، عضو قيادة الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية، رأى أنه «يجب أن نكون قريبين من بعضنا لتوحيد جهودنا ضد غزو الولايات المتحدة الذي لا يقتصر على المجالات العسكرية بكل أوجهها، بل يشمل العقوبات والضغوط السياسية والاقتصادية في جميع المجالات». وقال لـ«الأخبار»: «يجب على الشيوعيين تعزيز توحيد بلداننا وأحزابنا أيضاً. وعلى أساس هذا التعاون بين جميع الأطراف، قد نبني تلك الوحدة». وأعطى مثالاً وهو روسيا «التي باتت تتجه نحو اليسار»، لافتاً إلى أن «الحكومة الروسية نفّذت بالفعل اقتراحات قدّمها الحزب الشيوعي الروسي، ولا سيما في الشق الاقتصادي».