مرّت ثلاثة أشهر على إصدار مشروع مرسوم إبرام «الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوّقين» في 6 شباط الماضي، ونشر المرسوم مع البروتوكول الاختياري العائد للاتفاقية في الجريدة الرسمية في 9 شباط، ولا يزال لبنان غير مدرج على لائحة الدول الموقّعة على الاتفاقية في موقع الأمم المتحدة، لأنه ببساطة لم يبلغها بعد أنه صادق على الاتفاقية. فما هي الأسباب التي حالت حتى الآن دون إنجاز لبنان الخطوة الأخيرة؟ (تأخرت مصادقة المجلس النيابي على الاتفاقية من العام 2007، تاريخ الموافقة عليها، إلى 12 نيسان عام 2022).
(هيثم الموسوي)

يتساءل الناشطون في مجال الإعاقة عن سبب تأخر وزير الخارجية عبد الله بوحبيب في إبلاغ الأمم المتحدة أن لبنان انضم إلى مجموعة الدول الموقّعة على «الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعوّقين». ويسأل أحد الناشطين، إبراهيم عبد الله، إن كانت القصة «نكايات سياسية تجعل البعض يرى أن القرارات الصادرة عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي نيابة عن رئيس الجمهورية غير شرعية». أما رئيسة «الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً» سيلفانا اللقيس فتردّ بالقول إن «قرارات كثيرة أخرى اتّخذت ونُفّذت من دون أن توضع في إطار القرارات غير الشرعية»، متأسفة كون «حركة الإعاقة تضطر دائماً إلى النزول إلى الشارع والصراخ من أجل انتزاع أدنى حق لها».

بوحبيب: لم أُبلَّغ رسمياً
إلا أن السبب لا يبدو سياسياً، إذ إنّ رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب ميشال موسى كان قد أخبر المعنيين في الملف في أكثر من مناسبة أن «وزير الخارجية ينتظر التكليف من مجلس الوزراء». وهذا ما قاله بوحبيب في اتصال مع «الأخبار»، مشيراً إلى أنه «لم يُبلَّغ بعد من الحكومة قراراً رسمياً من أجل التواصل مع ممثل الأمم المتحدة في لبنان وإعلامه بأن بلده صادق على الاتفاقية»، فيما يرى المعنيون بالملف «أن الوزير لا يحتاج إلى تكليف حكومي بما أن لبنان أصدر قراراً رسمياً بالمصادقة، ونشره في الجريدة الرسمية». وعلمت «الأخبار» من مصادر متابعة أن امتناع وزارة الخارجية عن إبلاغ الأمم المتحدة سببه عدم وجود وثيقة إبرام للمعاهدة، وهي وثيقة تتطلّب توقيع رئيس الجمهورية وهو ما لم يحصل خلال ولاية الرئيس ميشال عون ولا يمكن العمل من دون هذا التوقيع في فترة الشغور الرئاسي، ما يفتح الباب على نقاش حول إمكانية أن تقوم الأمانة العامة لمجلس الوزراء بالمهمّة في حال استمرار رفض وزارة الخارجية ما تعتبره من صلاحيات رئاسة الجمهورية.

ضروري لمراقبة التطبيق
صحيح أن مرحلة التطبيق تنطلق من تاريخ إبرام الاتفاقية، وأن إبلاغ الأمم المتحدة هو في المبدأ خطوة شكلية، إلا أنها ضرورية لسببين: «مراقبة التطبيق وتمويله». فمنذ تاريخ إبلاغ الأمم المتحدة بإبرام الاتفاقية يصبح لبنان ملزماً بإرسال تقرير سنويّ عن مدى التزامه بالتطبيق، وبالموازاة يتسنّى للمنظمات الدولية وجمعيات المجتمع المدني وفق البروتوكول الاختياري وضع تقرير سنوي يسمح بالمتابعة والمساءلة، «قد ترسل الأمم المتحدة على إثره لجنة للكشف إن كان تقريراً قاسياً»، كما يقول إبراهيم عبد الله، مضيفاً أهمية إدراج لبنان في قائمة الدول المصادقة على الاتفاقية لـ«يكتسب حق الترشح والتصويت في اللجنة المخوّلة الإشراف على تطبيق الاتفاقية في الأمم المتحدة».

...وللتمويل
وتلتقي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المعنيّة بشؤون المعوّقين وتشبك في ما بينها، «ونتشاور في المواضيع، آخذين الاتفاقية الدولية كمرجع»، تقول اللقيس. ونجح المعنيون في وضع مسوّدة بالقوانين التي يجب تعديلها بما ينسجم مع الاتفاقية الدولية منطلقة من بوابة تعديل قانون «حقوق الأشخاص المعوّقين» رقم 220/2000. ما يعني أن الأيادي غير مكبّلة للتطبيق. إلا أنّ اللقيس تلفت إلى أن الأعمال التي تقوم بها الجمعيات تتطلّب تمويلاً ضخماً، فـ«كيف نأتي به إذا كان لبنان في نظر المجتمع الدولي غير مصادق بعد على الاتفاقية»؟