لم تسر جلسة الهيئة العامة لأساتذة الجامعة اللبنانية كما خطّطت لها المكاتب التربوية للأحزاب السياسية، والتي حاولت أن تحشد الأساتذة باتجاه التصويت ضد استمرار الإضراب. فبعد الضغوط التي مارستها أحزاب السلطة على عمداء الكليات ومديري الفروع لخرق القرار النقابي عير تسيير الامتحانات والأعمال الأكاديمية، فشلت في تأمين الأغلبية المؤيّدة لتعليق الإضراب، وبدت غالبية الأساتذة المشاركين في جلسة الهيئة العامة، وهي أعلى سلطة نقابية في الجامعة، مع مواصلة الإضراب، باعتباره الخيار الأوحد المتاح لتحصيل الحقوق. ليس صحيحاً أن أحزاب السلطة السياسية تريد إقفال الجامعة، أو أنها ترى أنها تشكل عبئاً عليها، هي تريد الجامعة لتستمرّ في تحاصصها وتعزيز نفوذها السياسي والطائفي فيها. بسبب هذا التحاصص نفسه، أجهضت القوى السياسية إقرار الملفات الحيوية للجامعة، والتي تساعدها على مواجهة مشاكلها ومنها التفرّغ، الدخول في الملاك، وتعيين العمداء وإقرار عقود المدرّبين... وهذه القوى نفسها التي تضغط لفك الإضراب، ترفض أن تضغط باتجاه استعادة أموال الجامعة المستحقّة المنهوبة من فحوصات الـPCR.
"الأخبار" استطلعت آراء عدد من المكاتب التربوية التي أتيح لها التواصل معها، بشأن رؤيتها للجامعة وموقفها من إضراب أساتذتها. مسؤول قطاع التعليم العالي في تيار المستقبل محمد صميلي رفض الإدلاء بأي تصريح أو موقف، فيما جرى التداول في أن التيار حشد الأساتذة باتجاه التصويت مع الاستمرار في الإضراب.

حزب الله: خذ وطالب
مسؤول ملف الجامعة اللبنانية في التعبئة التربوية لحزب الله، يوسف زلغوط، أيّد تعليق الإضراب انطلاقاً من رؤية متوازنة بين حقوق الأساتذة وحقوق الطلاب ومستقبلهم، داعياً إلى تطبيق القاعدة النقابية: خذ وطالب، باعتبار أن ما حصل عليه الأساتذة معقول ويكفي لشهرين بالحد الأدنى، ويُبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه، فيجري اللجوء إلى أساليب مختلفة للضغط غير الإضراب الذي يفرّغ الجامعة ويهدّد طلابها الفقراء غير القادرين على التسجيل في الجامعات الخاصة.
القوى التي تضغط لفك الإضراب، لا تفعل شيئاً لاستعادة أموال الجامعة


حركة أمل: لا لتعطيل العام الدراسي
من جهته أشار المسؤول التربوي المركزي في حركة أمل، علي مشيك، إلى أننا "عبّرنا عن موقفنا الرافض للإضراب إن عبر ممثلينا في الهيئة التنفيذية للرابطة أو من خلال إبلاغ رئيس الجامعة بضرورة العودة وإنهاء الامتحانات وإطلاق العام الدراسي الجديد، والتدريس انطلق فعلاً في كلية الهندسة ـ الفرع الثالث في الحدث وكلية الحقوق ـ الفرع الفرنسي". ورأى أن "استمرار التعطيل سيحيل الجامعة إلى جسد بلا روح تمهيداً لإعلان موتها، وهذا ما لن نسمح به، ولا يزايدنّ علينا أحد في الحرص على الجامعة، ونحن لم نمارس ضغطاً على أحد، فهناك أساتذة يدّعون الثورة في العلن وقد سلّموا امتحاناتهم تحت الطاولة لرؤساء الأقسام". ودعا إلى "التعاطي بعقلانية، وأعتقد أن الدولة قامت كل ما بوسعها لدعم المؤسسة وملف الـPCR في عهدة القضاء، وبالتالي لا يحق لأيّ أستاذ أن يقول إنه لن يكون هناك عام دراسي".

التيار الوطني الحر: انخفاض أعداد الطلاب
بدوره رأى المسؤول التربوي المركزي في التيار الوطني الحر، روك مهنا، أن عدم إنهاء العام الدراسي الماضي في الجامعة اللبنانية، ومن ثم المباشرة بالتسجيل للعام المقبل سيأخذان الجامعة إلى الانتحار، محذّراً من الانخفاض الحاد في أعداد الطلاب الذين يهربون إلى الجامعات الخاصة. ودعا مهنا إلى معالجة أوضاع نحو 30% من الأساتذة الموجودين في الخارج ويدرسون في الجامعة "أونلاين" وحسم ما إن كانوا يريدون الاستمرار في العمل مع الجامعة أم لا، لإعادة هيكلة الحاجات. أما بالنسبة إلى أموال الـPCR، فقال إنه يمكن للجامعة أخذ نحو 12 مليون دولار غير متنازع عليها، ما يساهم في رفع عطاءات الأساتذة، وترك الأموال المتنازع عليها للقضاء. واقترح تقليص المناهج، ما قد يساعد في تطبيق التعليم المدمج وتشغيل الجامعة، وصولاً إلى التعليم الحضوري.

الحزب التقدمي الاشتراكي: أين الخطة الإنقاذية؟
لم تسجل رئيسة اللقاء التقدمي للأساتذة الجامعيين، منى رسلان، موقفاً مباشراً من إضراب الجامعة، باعتبار أن الأزمة الوجودية للجامعة، والبلد بكلّ مؤسساته، ليست محصورة في الإضراب، إنما تكمن في بقاء رئيس الجامعة ووزير التربية في موقع المتفرّج بينما تغرق الجامعة بأهلها، في غياب أي خطة إنقاذية للتعامل معها أو إجراءات استثنائيّة توقف الانهيار الحاصل وتحمي مستقبل الجامعة، وتعيد لأهلها أساتذة وطلّاباً وموظّفين الحدّ الأدنى من حقوقهم، وإلّا فإنّ تداعيات هذه الأزمة ستؤدّي إلى إفراغ الجامعة من كوادرها وإلى إسقاط دورها التربوي والإنساني والثقافي.