لا يحتاج مارك ضو إلى نشر محاضر «ويكيليكس» لمعرفة ما يقوله خلف جدران السفارات، تماماً كما لا تحتاج السفارة الأميركيّة إلى جلسة خاصة مع مارك ضو لتنسيق الموقف. «النائب التغييري» لا يخجل بأن يسأله السفير الأميركي السابق ديفيد هيل عن خطته لنزع سلاح حزب الله ولا عن كيف يُمكن لبلاده أن تُساعد اللبنانيين مادياً، إذ إن مبدأ «السيادة» لدى ضو وأمثاله تُستثنى منه السفارات الأجنبية على قاعدة الدونيّة. ولذلك، لم يتلعثم نائب عاليه حينما «كشف» عن خطته «الجهنمية» لنزع سلاح حزب الله، بل أجاب بطلاقة، وباللغة الإنكليزية، أن الخطوات التمهيديّة هي: الفوز بالانتخابات الطلابية في الجامعات واستقطاب الأجيال الشابة من كافة الطوائف، ومن دون أن ينسى أن يقدّم أوراق اعتماده إلى هيل، وينصّب نفسه «المخلص» الذي يتمتع بمصداقية لدى المغتربين ويحتاج إلى توطيد علاقاته الخارجية لمساعدة الأميركيين على نزع سلاح المقاومة.كان ضو بائساً. لو عاد واستمع إلى كلامه بعد أن أنهى مقابلته على تطبيق «زوم» مع الديبلوماسي الأميركي، لكان تأكد بأنه قليل الحيلة وغير مؤهل أصلاً ليكون مقرباً من السفارة، إذ إنّه لا يملك خطّة حقيقية حينما سأله هيل «عن رأيه بكيفية تهيئة الظروف لسحب سلاح المقاومة»، ولا حتى حينما سأله أيضاً عن كيف يمكن لأميركا أن تُساعد اللبنانيين مادياً، ليجيب بأن الحل هو أن تضع الحكومة الأميركية لائحة بالمنظمات الحكومية التي يُسمح للمغتربين التبرّع لها، على اعتبار أن هؤلاء لا يريدون تحويل الأموال إلى لبنان!
هكذا تغافل ضو عن حجم الفساد والمحاصصة التي تغرق بها مؤسسات الدولة وإداراتها، وربط الأمر بأميركا القادرة على حل الأزمة الاقتصادية وعجز الميزان التجاري وانهيار الليرة من خلال إعطاء «الأوامر» للمغتربين اللبنانيين! هذه هي إذاً خلاصة خطة ضو الاقتصادية القائمة على «الشحادة» وبرعاية «أسياده» الأميركيين.
خلاصة خطة ضو الاقتصادية قائمة على «الشحادة» برعاية «أسياده» الأميركيين


ما قاله ضو ربّما ليس مستغرَباً أن يصدر عنه. ومع ذلك، فإن بعض زملائه «التغييريين» يعيبون عليه هذه المواقف، ولو أن معظمهم رفض التعليق على هذه المقابلة. إذ أكد إبراهيم منيمنة على «أنني لم أتابع المقابلة، ولا أعرف بأي سياق أتى هذا الكلام، ولكن مواقفي معروفة ويمكنني الحديث عنها بغض النظر عن من يسألني عنها».
الياس جرادة يقول أيضاً إنّه لم يتابع المقابلة، مؤكداً أن «ملف سلاح حزب الله يحتاج إلى حوار لبناني داخلي وأن لا يكون خاضعاً لتجاذبات إقليمية أو دولية»، مشدداً على أنه لا يعنيه موقف هيل من هذا الملف.
في المقابل، فإن بعض النواب التغييريين يرفضون التصريح بأسمائهم، «كي لا نتسبّب بحساسيّة في علاقتنا مع ضو»، لافتين إلى أن ما قاله «يتناقض تماماً مع مفهومنا للسيادة التي لا تتجزأ، ومع رفضنا الكامل التدخّل الأميركي بشؤوننا بهذا الشكل السافر، بغض النظر عن موقفنا من سلاح حزب الله». ويشيرون إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتقصّد ضو إعلان هذه المواقف بطريقة لا تتناسب مع برنامجنا العملاني لمواجهة الأزمات السياسية والمالية الداخلية. وعن إمكانية عدم حضور الاجتماعات التي يُشارك بها ضو، يجيب هؤلاء أن «هذا الأمر يتطلّب موقفاً موحداً، ولكن للأسف هناك الكثير من الاختلاف بوجهات النظر بيننا».
كل واحد من هؤلاء التغييريين يرفض تأييد كلام ضو ويتنصّل منه، في حين أن معظمهم غير قادر على مواجهته علناً خوفاً، على ما يبدو، من «الغضب الأميركي»!