باشر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، منذ صباح اليوم، جولته على المسؤولين في لبنان، التي تمحور الحديث خلالها حول مفاوضات ترسيم الحدود البحرية والانتخابات النيابية، إضافة إلى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
غوتيريش، الذي عرّج إلى مرفأ بيروت وجال في أرجائه مطّلعاً على الأضرار التي لحقت به جراء انفجار 4 آب، زار عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكّد أنّه بحث مع الأمين العام للأمم المتحدة موضوع الحدود البحرية، وقال، في مؤتمر صحافي مشترك، إنّه جرى الحديث «في أن تكون المحادثات تحت رعاية الأمم المتحدة وبحضور الأميركيين لأنّ المماطلة بالمفاوضات تؤثّر على اقتصادنا وتؤخّر معالجة أزماته»، وأشار إلى أنّ «الشركات التي تمّ تلزيمها تؤخّر هذا الموضوع تحت حجج أمنية».

وإذ شدّد بري على تقديره «دعم الأمم المتحدة للجيش»، أكد «متانة علاقة أهلنا في الجنوب مع المؤسسة العسكرية واليونيفل»، معتبراً أنّه «إذا كان هناك اضطراب فهو من مسؤولية إسرائيل»، مشيراً إلى أنّه «كل يوم هناك خرق إسرائيلي للأجواء اللبنانية وأحياناً يستخدمون أجواءنا للاعتداء على الشقيقة سوريا».

من جهته، قال غوتيريش إنّ «الأمم المتحدة​ لن تدّخر جهداً لتيسير المفاوضات من أجل التوصّل إلى حلّ سريع في ملف ​ترسيم الحدود​ البحرية، ليتسنّى للبنان الاستفادة من الثروات الموجودة فيه».

وأشار إلى أنّ «الأمم المتحدة متضامنة مع اللبنانيين، ولن ندّخر جهداً لتعبئة المجتمع الدولي لدعم لبنان».

وفي موضوع مرفأ بيروت، أعرب عن تضامنه مع أهالي الشهداء «الذين أعرف أنهم يبحثون عن الحقيقة ويريدون المساءلة».

واعتبر أنّه «آن الأوان للزعماء السياسيين أن يتحدوا، وليعزز المجتمع الدولي دعمه للشعب».

ومن عين التينة، انتقل غوتيريش إلى السرايا الحكومية، حيث التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وعقد معه اجتماعاً موسّعاً.

وأكد ميقاتي التزام لبنان «المضيّ في المفاوضات الجارية برعاية القوات الدولية ووساطة الولايات المتحدة الأميركية لترسيم الحدود البحرية اللبنانية بشكل واضح يحفظ حقوق لبنان كاملة»، مجدّداً تأكيد التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن أيّ خلاف بين الدول العربية».

وقال إنّ «لبنان يحتاج إلى مساعدات عاجلة في مجالات عديدة مع إيلاء أهمية خاصة لتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية»، و«يتطلّع إلى إجراء الانتخابات النيابية العام المقبل باعتبارها ركناً من أركان الديموقراطية وتحقيقاً لتطلعات الشعب اللبناني»، مجدّداً دعوة «المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤوليته في تسهيل عودة النازحين السوريين في لبنان لبلادهم».

من ناحيته، حمّل غوتيريش «مسؤولية الوضع في لبنان في جزء منها إلى اللبنانيين فضلاً عن تأثيرات الخارج والتدخلات».

وقال إنّه سمع «من ميقاتي التزام الحكومة بأن تجري المفاوضات مع صندوق النقد والتزامها بإجراء عدد من الإصلاحات الإدارية والمالية اللازمة لكي يتمكن لبنان من الاستفادة من الإمكانات المتاحة في ظل الدعم الدولي المتاح اليوم ما يضمن البدء بتحقيق نوع من التعافي».

وكان غوتيريش قد زار قصر بعبدا، وكان في استقباله وفدٌ برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ضمّ وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، مستشار الرئيس عون الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، المندوبة الدائمة للبنان لدى الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي، المستشارين العميد بولس مطر، رفيق شلالا، وأسامة خشاب.

كما التقى غوتيريش بعض القادة الروحيين اليوم، بينهم البطريرك الماروني مار بشارة الراعي ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي لفت إلى أنّ «دار الفتوى تؤكّد أنّ مبدأ العيش المشترك، ووحدة لبنان، وموضوع سيادة لبنان وحريته واستقلاله، واستقلال القضاء، والنظام البرلماني الديموقراطي، ومبدأ الفصل بين السلطات، وإبعاد لبنان عن سياسات المحاور، وعدم إقحامه في النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية، هي محل إجماع رؤساء المرجعيات الدينية، كما هي محل إجماع اللبنانيين جميعاً».

وشدّد على أنّ «قسطاً كبيراً ممّا عاناه لبنان ويعانيه اليوم من مآسٍ وآلام وانهيار اقتصادي ومالي، واضطرابات أمنية وسياسية، دون نكران لمسؤولية الدولة اللبنانية، يعود إلى عدم قيام الأمم المتحدة بدور فاعل على صعيد حل المشكلة الفلسطينية، وإيجاد حلول للصراعات الإقليمية والدولية، التي تفتك بالأمن والسلم الدوليين، وقد آن الأوان لكي تقوم الأمم المتحدة، ولا سيّما مجلس الأمن، بهذا الدور».

وكان غوتيريش قد وصل ظهر أمس إلى مطار بيروت الدولي، حيث كان في استقباله وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب. وفي أول تعليق له، قال الأمين العام إنه إذا أراد وصف زيارته للبنان بكلمة واحدة «ستكون كلمة تضامن».