الحدود البريّة والبحرية مع فلسطين المُحتلة ليست أكثر هدوءاً من «الجبهة» الداخلية. وفيما يمُر لبنان بأخطر مُنعطفاتِه ربطاً بأزمته الداخلية السياسية والاقتصادية، وبتحولات المنطقة، تتواصل الضغوط والتهديدات الأميركية والاسرائيلية، خصوصاً في ما يتعلق بملف ترسيم الحدود؛ فإلى جانب العقوبات التي تفرضها (أو تلوّح بها) الإدارة الأميركية ضد شخصيات سياسية، بذريعة ظاهرها التورط في الفساد وجوهرها التحالف مع حزب الله، أرسلت إسرائيل رسالة تهديد جديدة إلى لبنان، عبرَ «الوسيط» الأميركي، للتراجع عن الخطوط التي طرحها المفاوض اللبناني في جلسة المفاوضات الأخيرة لترسيم الحدود (11 تشرين الثاني الماضي)، عندما طالبَ باسترداد مساحة تتخطى 2190 كلم مربعاً في البحر، بدلاً من مساحة 863 كلم مربعاً.وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد تبلّغ لبنان في الأيام الأخيرة، مجدداً، طلباً مكرراً من «الوسيط» الأميركي «بالعودة الى الخطوط الأولى، والالتزام بالتفاوض على المنطقة المتنازع عليها، أي الـ 863 كيلومتراً مربعاً، وإلا فإن الخارجية الأميركية ستصدِر بياناً تعلن فيه وقف المفاوضات». مصادر مطلعة أكّدت أن «الموقف اللبناني لا يزال على حاله، وقد أبلغ أصحاب القرار الأميركيين أن يفعلوا ما بدا لهم، وأن لبنان لن يتراجع عن السقف التفاوضي الذي وضعه، وهو يملك وثائق وخرائط تؤكّد حقه في 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية».
وقد كانَ لافتاً أمس إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بيان، أن بلاده «مستعدة للاستمرار في العمل مع إسرائيل ولبنان على مفاوضات الحدود البحرية (...) ومستعدة للوساطة في نقاش بنّاء، وحث الطرفين على التفاوض استناداً إلى المطالبات التي سبق أن رفعها كل منهما الى الأمم المتحدة».
لبنان لن يتراجع عن السقف التفاوضي الذي وضعه


وكانت السفيرة الأميركية في بيروت، دوروثي شيا، قصدت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للتعبير عن استياء الأميركيين والإسرائيليين من السقف التفاوضي الجديد الذي رفعه لبنان، مطالبة بالتراجع عنه. غيرَ أنه لا عون ولا قيادة الجيش ولا رئيس الوفد اللبناني العميد بسام ياسين رضخ لهذا الطلب (راجع الأخبار- 01-12-2020). بعدها، أُرجئت جلسة المفاوضات التي كان مقرراً انعقادها في الثاني من الشهر الحالي، وزار رئيس الوفد الأميركي «الوسيط» جون دو روشيه لبنان والتقى المسؤولين لتجديد الرسالة ذاتها، بالتزامن مع تسريبات في الإعلام الإسرائيلي تهدّد بفشل الترسيم وتحمّل المسؤولية للبنان. وقبل أسبوع لوّحت «إسرائيل»، عبر إعلامها، بعدم السماح لشركات التنقيب عن الغاز التي يتعاقد معها لبنان، ببدء عملها قبل حل الخلاف الحدودي وترسيم الحدود البحرية بين الطرفين (راجع الأخبار - الإثنين الـ14 من كانون الأول).

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا