لم يكُن تأجيل جلسة اللجنة الوزارية لقانون الانتخابات، التي كان من المقرر عقدها في السرايا الحكومية برئاسة الرئيس سعد الحريري الأسبوع الماضي مرتبطاً بجلسات الموازنة. إذ يبدو أن مسار هذه اللجنة أصبح معقداً، في وقت يتعامل فيه كل من الحريري والوزير جبران باسيل مع ملف الانتخابات ببرودة. وقد استدعى هذا الأمر لقاءً سريعاً بين الوزير علي حسن خليل ومدير مكتب الحريري، نادر الحريري، قبل أيام، بهدف تفعيل عمل اللجنة، التي أظهرت في البداية حماسة للاتفاق على كل الإجراءات التنفيذية.
وفيما كان باسيل أكثر المندفعين، حيث كان يصر على عقد لقاءات أسبوعية، فإن اجتماعات اللجنة متوقفة منذ نحو 40 يوماً. وفيما يتواصل أعضاؤها كل يوم للبحث بشأن ملفات يومية، إلا أنهم «لا يأتون على ذكر ضرورة عقد جلسة»! في هذا الإطار، أبدت مصادر سياسية بارزة في فريق 8 آذار استغرابها من «البرودة التي يتعاطى بها الحريري وباسيل»، لافتة إلى أن «جوّ تيار المستقبل يشير إلى وجود ارتباك أو تردّد، وعدم امتلاكه تصوراً واضحاً للأمور. ومع أننا دخلنا عملياً مرحلة الانتخابات النيابية، لا نجد الحماسة نفسها رغم وجود مشكلة إجرائية»، وهذا الأمر «لا يبدو طبيعياً من قبل الطرفين». ولفتت المصادر إلى أن «الاختلاف لم يعد محصوراً بالتسجيل المسبق، بل في إصرار المستقبل والوطني الحر على موضوع البطاقة الممغنطة، علماً أنها أصبحت مستحيلة، لكنهما يؤكدّان إمكان إصدارها لعدد من المقترعين». وقالت المصادر إن «اللجنة بالنسبة إلى الآليات لم تنجز شيئاً، وهذا يعني أننا سنكون قريباً أمام مشكلة تنفيذية، خصوصاً مع وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يفرض عليه هذا الواقع الوقوف في الحكومة والإصرار على أن هذا الأمر لا يمكن اللعب فيه»، خصوصاً أن الحكومة أعطته كل ما طلبه «فقد أنجز برنامج البطاقة البيومترية، وكذلك تكلفة الانتخابات التي بلغت 75 مليار ليرة، كما حصلت هيئة الإشراف على الانتخابات على 3 مليارات و800 مليون ليرة».

جنبلاط يطلب الدفاع
عن مسؤول أمنه السابق الموقوف بشبهة التعامل مع العدو الإسرائيلي

في المقابل، قالت مصادر في تيار المستقبل إن عدم انعقاد اللجنة كان مرتبطاً في المرحلة الأولى بانشغال الحكومة في عدد من الملفات، وبسبب سفر رئيس الحكومة وعدد من الوزراء إلى الخارج. ولاحقاً، لم تنعقد اللجنة بسبب الخلاف الذي نشب بين الوزيرين المشنوق وباسيل، على خلفية لقاء الأخير بنظيره السوري وليد المعلم في نيويورك. وقالت المصادر إن اللجنة لم تنعقد في اليومين الماضيين، ولم يُحدَّد موعد لها، بسبب وجود الحريري «في إجازة» خارج البلاد (نفت المصادر المعلومات التي تحدّثت عن أن الحريري غادر إلى العاصمة التركية انقرة للبحث في كيفية إنهاء أزمة شركة «ترك تيليكوم» للاتصالات التي يملك جزءاً كبيراً من أسهمها، والمهددة بالإفلاس بسبب أزمة الديون التي تعاني منها بعد رفض السلطات التركية تمديد عملية التفاوض على إعادة هيكلة ديونها).
وذكرت المصادر أن المشنوق أعدّ خطة لتنفيذ الانتخابات، بما يتيح الاقتراع في مكان السكن، إلا أن اللجنة لم تجتمع لعرض هذا الأمر. ورداً على سؤال عمّا إذا كان في مقدور وزارة الداخلية تطبيق خطتها الجديدة لإصدار بطاقات الهوية البيومترية، أكّدت المصادر أن «الداخلية» يمكنها إصدار البطاقات لمن يريدون الاقتراع في مكان سكنهم، على أن يستمر إصدار البطاقات لباقي اللبنانيين بعد الانتخابات. وأشارت إلى أن إطاحة البطاقة البيومترية تعني تطيير بند الاقتراع في مكان السكن، وهذا أمر صعب.
وفي هذا الإطار، بدأ رؤساء الأحزاب حملات حثّ المغتربين على التسجّل والاقتراع. وتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس برسالة إلى «المنتشرين والمغتربين للمشاركة في الانتخابات النيابية وتعزيز خياراتهم»، لافتاً إلى أن «إنجاز الاستحقاق في الربيع القادم يتطلب إعداد قوائم انتخابية في السفارات والقنصليات التي تمثل لبنان في الخارج». ودعا بري باسمه وباسم حركة أمل الجميع للمبادرة إلى تسجيل أسمائهم قبل 21 تشرين الثاني المقبل.
من جانبه دعا رئيس حزب «الهنشاك» النائب سيبوه قالباكيان «جميع المغتربين اللبنانيين، ولا سيما الأرمن والهنشاك من بينهم، إلى تسجيل أسمائهم في دول انتشارهم» للمشاركة في الانتخابات. كذلك حثّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، خلال جولته في أوستراليا «المغتربين على التسجيل، لأن كل صوت يؤثر في نتائج الانتخابات». ورداً على سؤال عن إمكان استقالة وزراء القوات من الحكومة، أجاب: «الاستقالة واردة إذا بلغت الخروقات حدَّ عودة العلاقات مع نظام الأسد واستمرار محاولات تمرير المناقصات المشبوهة». فيما نفى وزير الإعلام القواتي ملحم رياشي خبر الاستقالة، مؤكداً أنها «واردة عندما تصبح أسبابها موجودة، وهي اليوم غير موجودة». رياشي وفي حديث إلى محطة الـ«أو تي في»، شبّه العلاقة بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر «برحلة جوية تتعرض لمطبات هوائية شديدة، وتبين أثناء الرحلة أن هناك مفهومين ومقاربتين لإدارة الحكم». وفيما كانت القوات تحتج على عدم المساواة في الحصص بينها وبين التيار في التعيينات، ذكّر مسؤولون عونيون القوات بضرورة التفريق بين حصة التيار وحصة رئيس الجمهورية. وعلّق رياشي على ذلك بالقول: «لا أحد يتناسى حصة رئيس الجمهورية أو حصة التيار الوطني الحر في موضوع التعيينات، ولكنْ هناك تناسٍ لحصة القوات اللبنانية». وطالب رياشي بـ«تدخل رئيس الجمهورية» لحل الأزمة بين التيار والقوات.
على صعيد آخر، نقلت وكالات الأنباء عن الرئيس الإيراني حسن روحاني قوله في كلمة متلفزة إن «مكانة الأمة الإيرانية في المنطقة اليوم أكبر من أي وقت مضى. أين من الممكن في العراق وسوريا ولبنان وشمال أفريقيا والخليج الفارسي اتخاذ قرار حاسم دون أخذ الموقف الإيراني في الاعتبار؟». وردّ الرئيس سعد الحريري على كلام الرئيس الإيراني قائلاً في تغريدة عبر «تويتر»: «قول روحاني أن لا قرار يتخذ في لبنان دون إيران قول مرفوض ومردود لأصحابه. لبنان دولة عربية مستقلة لن تقبل بأي وصاية وترفض التطاول على كرامتها».
من ناحية أخرى، ونتيجة توقيف أحد المسؤولين السابقين عن حماية رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بتهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي، أصدر جنبلاط بياناً يقول فيه: «لقد قمت بتكليف مفوضية العدل في الحزب بمتابعة قضية الرفيق سليم أبو حمدان للدفاع عنه، لأننا بموازاة التزامنا القانون وخضوعنا لأحكامه، ليس من عاداتنا التخلي عن المناضلين في الحزب».