صباحَ هذا اليوم، لحظةَ نجوتُ من مذبحةِ الكابوس، وتأكّدتُ بأصابعي وعينيّ مِن أنّ رصاصاتِ قنّاصيَّ لم تُصبْ منّي مقتلاً، لم أغتبط بنجاتي ولا هنّأتُ نفسي بسلامتها. فلقد منعني الخوف، الخوفُ الذي كان يَزرِبُ من أعضائي، حتى من قولِ: «يا لسعادتي! كان مجرّدَ منامٍ... ونجوت».
..
(حسناً! كان المشهدُ على النحو التالي: أنا في وسطِ ساحةِ بلدتنا العتيقة، تلك التي بأربعةِ زواريب. لكنها في هذا المنامِ كانت بعشرةٍ أو أكثر. كنتُ أقفُ وحيداً وأتلفّتُ عارفاً أنّ ثمةَ، في واحدٍ من هذه الزواريبِ العشرةِ، قنّاصاً يترصّدني ويتهيّأ لإطلاقِ النارِ عليّ).
ثمّ انكسرَ المنامُ واستيقظتُ. استيقظتُ وبقيَتْ خاتمةُ المنامِ سرّاً.
..
فإذنْ، لقد انقطعَ المنامُ وعثرتُ على نفسي آمناً وحيّاً.
لكنني، حتى هذه اللحظةِ التي أَخطُّ فيها خوفي وأُؤَرِّخُ نجاتي، لا أزالُ، وأنا بكاملِ يقظتي، أتلفّتُ يميناً ويساراً وفوقاً وتحتاً وإلى عشرِ زوايا هذه الغرفة، وأتساءلُ بكاملِ ما أوتيتُ من النباهةِ والخوف:
تُرى، مِن أيِّ موضعٍ في هذه الغرفةِ الحصينةِ ستأتيني الرصاصة؟...