الذات كلبة. والآخر كلب. وهما يتناكحان في العتمة. لكنني نجحت في أن أفصل ذاتي عني. وضعتها مثل جرو في علبة كرتون. وهي تخرج من فتحة العلبة كي تبول ثم تعود ثانية إلى العلبة.
الذات شأن خطير. أخطر من المرآة في الليل. بل أخطر من كتب موسى الخمسة.
في زمن أبي كان الواحد وذاته يصعدان على السلم ويقطفان الزيتون معاً. كان الله والكون وحدة واحدة أيضاً.



الذات طائر حبارى. ويحب نتف ريشه كلما نبت. لا يجوز ترك الذات تحوم مثل ريح الشمال بجناحيها. ولا يجوز ترك الحجر طويلاً في اليد حتى لا يصير وردة.
علجوم في الماء، وعلجوم في النار. والذات درب قصير يعبر بينهما.
كلما أغلقتُ باباً فُتحت عليّ عشرة أبواب غيره. كلما أتيت بتشبيه ضيّعتُ في الطريق عشرة مثله.

الذات كلبة، وقد فككتُ طوقها وأطلقتها نحو الحاجز كي يقتلها الإسرائيليون. وهم يقتلون كل شيء يتحرك أمامهم.

28-12-2022
■ ■ ■
الحب عينان عمياوان، والقُبلة حجر صوّان. هكذا يكون الأمر. تغلق عينيك وتهجم كأنّك ذاهب إلى الموت. على الأشياء أن تكون صلبة وكتيمة عمياء. وعلى كل شيء أن يكون قريباً من الموت إذا أراد الحصول على المعنى. لا يمكن الوثوق بالأشياء القريبة المنال. الأشياء أعمق من هذا، وأبعد، وأعنف، وأكثر فتنة.
انظر إلى الصقر مثلاً: يشرب من بركة البدر الكبيرة، ثم يدور في الفلك الدوّار. يمكنه أن يصطاد طيوراً كثيرة تمرّ أمامه، لكنه لا يفعل. على الصيد أن يكون أقسى من هذا. عليه أن يكون مثل إحراق حقل قمح كبير.
وعلى المقطوعة أيضاً أن تكون مثل كتلة فولاذ ثقيلة تكسر كفة الميزان.
14-6-2020
■ ■ ■
مقيم في جزيرة بعيدة. ولست سعيداً ولا بائساً. حائر قليلاً فقط.
والغناء محرّم عليّ.
تمشي السلطعونات على الشطّ، وتقطع بمقصاتها وتر الشمس ووتر الماء. وأنا أقطّع الليل ألواح شوكولاتة سوداء وآكلها، والنجوم تبكي خائفة فوق رأسي.
أنا عبد وسهول القطن على مدّ البصر في وذمتي.
29-2-2020
■ ■ ■
الليل زهرة مقلوبة. وفي القواميس أن الليل والحجر من الجذر ذاته.
واليأس يأتي من شجرة الفتنة، والجرح الكبير من الأحبة. وهذه أريحا لا تعرفني ولا أعرفها. أنا مجرد سيل عابر فيها. زرعت فيها فسيلة نخل ثم نسيتها. أضأت قنديلاً ثم أطفأته. وليس للحب مطرح عندي.
الليل شجرة فتنة مقلوبة، تاجها على الأرض وجذرها بين النجوم. وهذا هو جبل الأربعين الذي تسألون عنه. هذا مصعده، وهذا مهبطه. تعالوا يا من لا تحبون ولا تجرحون. سأشعل لكم ناراً كي نجلس حولها صامتين. لا أحد منّا سيفتح فمه. كل واحد سيقبض على عصاه ثم يضع ذقنه على قبضته، ويتأمل النار. النار فكرة أسبق من الكلام وأعمق. والليل جارية تغتسل من حيضها تحت شجرة الدوم.
تعالوا، كي تمنحوني خيطاً أمسك به. كي تسلموني مطلعاً أصعد به. أريد أن آكل الحجارة، وأن أهيمن على الزمن. الزمن والحجر من الجذر ذاته في القواميس.
عقدتُ عقدة حبل. نسيتُ فسيلة نخل. وهناك جراح لا أمل في شفائها.
12-7-2020

* العنوان من اختيار التحرير
** شاعر وباحث فلسطيني