«شهرزاد» ـــ ألبرتو فارغاس (طباعة حجرية ــــ 1979)
هذه المقدّمات النظرية، يستتبعها الكاتب بتطبيقين، يتناول فيهما حكايات «كليلة ودمنة» لابن المقفع، باعتبارها تدشيناً لفرع الحكاية الخرافية الذي أسماه الباحثُ خرافةً رمزيَّةً. الجديد في هذه الدراسة أن العرب عرفوها كحكايات هندية، قبل أن ينقلها ابن المقفع عن البهلوية إلى العربية، ذلك أنه وردت في كتب الأخباريين العرب، إشارات إلى أن النضر بن الحارث كان يروي بعض حكاياتها في مكة، إبّان ظهور الإسلام بعدما سمعها خلال رحلاته إلى فارس، والحيرة، وعاد بها إلى الحجاز يناظر بها الرسول. يتوالى الشق التطبيقي بمحاولة رصد البدايات الشفوية لـ «ألف ليلة وليلة»، قبل أن تتحوَّل إلى نص (نصوص؟) مدوَّن، مع مساءلة إشكاليّة هويّته الثقافية، لا كمِلكيّة عِرقيّة لهذا المتن المتعدد المشارب الجغرافية واللغوية، إنما كأفق ثقافيّ حرّ لمرويّات خرافية. يؤكد الباحث أن الثقافات في القرون الوسطى، لم تكن مسكونة بهاجس الهويّات المقيّدة، كما هو الأمر في العصور الحديثة. يواصل المؤلف اشتغاله، ليفكّك حكاية شهرزاد، التي اعتَبَرَها تقليداً سردياً عربياً، نقلته السرديات العجمية، لسماحه بتنظيم كل مجاميع الحكايات في شكل ماتروشكا (مجموع دمى روسية) تتداخل فيها الحكايات على هيئة حكاية كبرى تتفرع إلى أخرى أصغر وهكذا دواليك. في موازنة بين الدراسة الأسلوبية والمقاربة المضمونية، يخصص الدارس قسماً لثيمة الشفاء بالسرد: شفاء الملك شهريار من عُصاب الخيانة، وشفاء شهرزاد من موت كان يتهدَّدها كلما توقفت عن الحكي.