تعرض الكاتبة العديد من الحالات وتقدم بعض النساء اللواتي شاركن في الحروب أو الأوروبيات اللواتي كن على وشك الانضمام إلى تنظيمات إسلامية إرهابية متطرفة. من الدروس التي تعلمتها في عملها أن المسلمات المتطرفات اخترن الموت انتحاراً كونه الطريق الوحيد للوصول إلى دار الخلود، وفق قناعتهن. كما تعلمت الكاتبة في المركز أنه ليس ثمة من شيء كما يبدو في الظاهر (Nothing is as it seems). عملها في المركز تحول إلى ما يشبه الكابوس: كانت تنظر دوماً خلفها للتأكد بأن لا أحد يقف هناك ولا أحد يهددها، وكانت تختار كلماتها بعناية عندما تتحدث مع عائلتها أو الأقارب، بمن فيهم من حصل على التبعية الأميركية. كما كانت حريصة على ملاحظة أي أمر أو فرد قد يكون مشتبهاً فيه، من منظور «الأعداء في كل مكان»! وهي لا تنسى أن أمها أخبرتها باستعدادها لحمل السلاح من أجل تحرير إقليم كشمير. لقاءات الكاتبة مع القاتلات الإرهابيات ضعضع بعض قناعاتها بخصوص المرأة، وخصوصاً أنها امرأة مسلمة ممارسة وموظفة وفي الوقت نفسه أمّ. في ظنها أن المرأة رمز القوة والحب، فكيف يمكنها أن تتحول إلى قاتلة وإرهابية مجرمة!
تصر الكاتبة على تذكير القارئ بأن صفحات مؤلفات التاريخ تحوي أخباراً كثيرة عن نساء قاتلات: هناك من قتلت زوجها، وأخرى قتلت أبناءها، وثالثة قتلت شقيقاتها وأشقاءها، ورابعة شاركت في جرائم القتل الجماعي، وهؤلاء النسوة جئن من مختلف الأوعية الحضارية وانتمين إلى مختلف الأديان والأعراق. لكن من الضروري تذكير القارئ بحقيقة أن جرائم القتل التي ارتكبتها النساء تقل عن 2% من مجمل الجرائم المرتكبة في العالم. وعدد الإرهابيات الانتحاريات أقل بما لا يقاس من عدد الانتحاريين. الصعوبات التي واجهت الكاتبة في المركز لم تمنعها من مواصلة العمل فيه، كي تبرهن أنّ الإسلام دين سلام ورحمة ورأفة، وأن المتطرفات (والمتطرفين) حطموا تعاليم الإسلام عبر إعادة تدوير التعاليم الإسلامية السلمية لتتحول إلى تعاليم الموت والدمار طريقاً لمجد زائف. أما الاستنتاجات التي وصلت إليها بالعلاقة مع أسباب تحول النساء إلى التطرف وانضمامهن الى التنظيمات الإرهابية فمتعددة، لكن الأسباب الشخصية تأتي في المقام الأول وطلب الشعور بالانتماء والشعور بالحب، ومن أجل منح الحياة معنىً وهدفاً، وكذلك من أجل مساعدة المجتمعات الإسلامية التي تعاني ويلات الحروب. تعرض الكاتبة أربع نقاط ذات صلة بتنامي ظاهرة انضمام النساء إلى الحركات الإرهابية والمتطرفة هي:
أولاً) التنظيمات الإسلامية المتطرفة تمنح الأعضاء نوعاً من مستقبل آمن في بيئة حروب مستمرة.
ثانياً) لدى المسلمة دوافع شخصية محض للانضمام.
ثلث العمليات الانتحارية في العراق تمت على يد نساء
ثالثاً) بعض الفتيات يبحثن عن علاقات دافئة عبر الصداقات.
رابعاً) الجهل بالإسلام واللهاث وراء فتاوى الشيوخ الجهلة الذين يدعوهن إلى الانضمام إلى معسكر الإرهاب. يحوي المؤلف كثيراً من التفاصيل عن الإرهابيات وقصصهن، ما يلقي المزيد من الضوء على هذه المسألة المعقدة، لكننا نتفق مع الكاتبة في أن نقطة الانطلاق في محاربة الفكر المتطرف تبدأ في التربية العائلية.
* Invisible Martyrs: Inside the Secret World of Female Islamic Radicals.. Berrett-Koehler, (216p.) Farhana Qazi