القاهرة | تكونت فرقة «بانستارز» عام ٢٠١٢ على يد يوسف أبو زيد مع حازم الشامي (درامز) واسماعيل عرافة (باص غيتار) ليخلفهما أخيراً بذات الترتيب كريم الغزلي ونادر أحمد. موسيقى الفرقة تقوم على الأداء الصوتي/ الغناء وصنع الموسيقى الالكترونية، لينتج مزيج من «الغرانج» والبوست والالكترونيك روك. موسيقى تقدَّم ضمن عروض حية إلى جانب اتاحتها على الانترنت.
التمرد الواضح والعبثية يغلبان على الموضوع. إنّها محاولة لكسر كل الرواسخ المتعلقة بالتجربة الموسيقية في الأذهان، بدءاً من أنه لا بد من أن تكون الكلمات واضحة، والصوت بطل لحظة الغناء، إذ تطغى الموسيقى في الميكس (عملية المزج وتعديل التسجيل) في أغلب القطع على الأداء ومحاولات الإلقاء المنغمة، التي سنسميها تجاوزاً محاولات غناء. تتصدر الموسيقى المسمع، جاعلةً تفسير الكلمات صعباً بعض الشيء من المرة الأولى للاستماع. يساعدها في ذلك الصوت والأداء الناعمان للمؤدي -المغني، والتأثير الصوتي الذي عولج به صوته داخل التسجيل. المؤدي/ المغني ــ أحياناً يوسف أبو زيد ــ لا يهمه الالتصاق الصحيح بالنغمات، ولا وضوح ما يقول، ولا كون أداءه مسطحاً بقصد، وهذا كسر لكل القواعد التي نتوقعها عند سماع منتج موسيقي، وسلاح قوي لصانع الموسيقى وضده. إلا إنه وصل إلى نقطة توازن صعبة المنال بعد جهد. ثيمة مشروع «بانستارز» الفوضوية اللامبالية، أعفت الصانع على ما يبدو من إرادته في جهد الكتابة، تحديداً في القطع الموسيقية التي استخدمت اللغة العربية، خصوصاً ألبوم «غبي غبي غبي». لا تؤدي الكلمات هنا أي معنى، ما يستطيع السامع أن يلتقطه ويفسره منها بأي حال، وإن تميزت الموضوعات بالخروج عن المألوف في الاختيار. يصدم السامع المتوقع قاموس معين من المصطلحات في منتج موسيقي عربي. تصطدم أولاً بتابوه الجنس المحرم تناوله في الكلمات في اتفاق عرفي ضمني بين صانعي الأغنية العربية عموماً، رغم اعتياد التلميح والتصريح به في الصورة البصرية المصاحبة (الفيديو كليب) لأغلب تلك الأغاني. تلتقط أذن السامع بعض العبارات التي لا تعني شيئاً سوى العبث والعدمية، في حين تلتقط عبارات تعبر عن ضغط الأزمات الوجودية الشخصية التي يعرفها جيداً كل مصاب بفرط التفكير أو الاكتئاب، من خلال مواقف ومشاعر تتعرض للجنس والحب والعلاقات مع الغير ولوم النفس. حتى ليبدو أن الغرض من هذا المشروع هو مساحة للراحة والهلوسة. أن تصنع أو تكتب من دون اعتبار لأي معيار واقعي، ومتحرراً من قيود المعنى أو الوزن أو الحرفة، وأن تجعل اللاوعي هو البطل وأن تترك يدك طليقة لإرادتها الحرة وكذلك أفكارك وتعبيراتك، سواء عنى ذلك أو لم يعن ما يخرج شيئاً في النهاية. حتى إنّ يوسف يبدأ بعص التسجيلات-المنزلية على الأغلب بصوت سعاله. على العكس من ذلك، تصبح الكلمات في النسخة الإنكليزية أكثر إحكاماً وذات معنى ووزن وقافية، متماهية مع الموسيقى التي لم تنكسر أوزانها وتفعيلاتها على مر الألبومين العربي والإنكليزي وإنتاج المشروع الغزير، ودارت في حلقات ذات أثر نفسي عبر مؤثرات اختيرت بعناية للحفاظ على هوية صوت المشروع على اختلاف القطع الموسيقية المنتجة. وظهر المجهود المبذول في صناعتها على بساطة مكوناتها في جودتها الشديدة. ولا يمكن إلا أن نلمح أثر فرق مثل «نيرفانا» و«ذا دوورز» في فكرة وصوت المشروع سوياً. بغض النظر عن اتفاقنا مع ايديولوجية المشروع، إلا أنّه تجربة متمردة بالفعل تستحق السمع.

* بانستارز: السبت 9 ـــ س:21:00 ــــ KED