1
الابن الثالث هو الذي سيلبس
ثياب إخوته التي تضيق عليهم
وهو الذي سيصلح ألعابهم
ويسرق دراجاتهم
وعندما تقع به وتجرح ساقه
سيترك الدارجة على الطريق
ويعود للبيت
الابن الثالث يا أبي هو
الذي سيعمل في الصيف
وينام باكراً
قبل العشاء من شدة التعب
ولن يستطيع أن يكمل المسلسل

الابن الثالث يا أمي هو الذي
سيحمل البقالة إلى البيت
وهو الذي يعرف الشارع الذي
وضُع فيه صندوق النفايات الجديد
وهو الذي سيكون جانبا في الصور العائلية
وسيموت قبل الجميع
ليدلّهم على الآخرة.


2
لا تقرأ ما يكتبه الاخرون
ولا تُطِل النظر في عاداتهم الوضيعة
في صناعة الشعر

سماع نباح كلب لليلة واحدة
سيجعل تصحو وأنت تنبح

أنصحك بأن تُكوّن عاداتك الخاصة
عاداتك التي لن تجد مثلها
على أرفف السوبرماركت
ولا في أسواق السلع المستعملة
ابدأْ بهذا
تصرّفْ وكأنك بلدة
مغمورة بالمياه.

3
أيّها الشعُر:
إن كنتَ هذا المخلُوق العائد من الوظيفة
بساقٍ واحدةٍ وعكاز؛
أو هذا العجوز الذي يجلسُ على الدّرج ويتنفسُ هواءً مكدوداً
أو هذه البنتُ التي مرت أمام النّافذة
إن كنتَ هذا الطفل الذي يمصُّ إصبعَه ويبتلعُ لعابَه،
أو هذه الأمُّ الوحيدة في الصّورةِ
التي تنظرُ لهذا العالم بعد توقف القصفِ وتفتش الدّخان والجثث؛
إن كنتَ هذا النّسيم الذي تعلّقَ بشجرةٍ
أو هذا القمر الذي نُكمل به حكاية الظّلام
إن كنتَ هذا الغريب الذي يطرقُ الباب ويحملُ رسالةً مكتوبة ًعلى ظهره؛
إن كنتَ هذه الأيدي المقطوعةَ والمُلقاة على الطريقِ أو كنتَ الطريق؛
أيّها الشّعر:
إن كنت تلك النّار التي بأعلى الجبلِ
أو كنتَ هذه القسمَة الخَاطئة في يدي؛
أو الخيطَ الذي ينسلُّ من خيالِ إله؛
أو كنت هذهِ الأبدية المُقمرة
إن كنت شيئاً أيّها الشعر
إن كنت هذا او ذاك أو كل ذلك
فإنّك ذلك الفزع الذي سكنَ قلبي كطائرْ.

4
ما الذي لم يقله الشعراء بعد
أريد كلمة واحدة لم تبُلْ فوقها الكلاب
 كلمة واحدة تعود الى البيت
 وفي يدها طفل ضائع
 أو دمية شريرة بعين واحدة
أريد كلمة واحدة
أضعها في يد شحاذ أعمى
يتحسس عليها صورة الملك الشاب
الذي سيموت بمرض غامض
بعد ثلاث سنوات من اعتلاء العرش
أريد كلمة على صورة ديك
أو كف ساحرة.

5
لم أختر شيئاً
كانت تُقدَّم لي الاشياء ويُقال لي
أغمض عينيك أولاً
ثم أسحب واحدة
كل الاشياء التي وضعتُ عليها يدي
كانت تناسب أناساً آخرين
كانت ملابسي تناسب أخي
وكان وجهي يناسب رجلاً نائماً دُعي
لحفلٍ خاص بالخطأ

يدي اليسرى التي أكتب وأدخن
وأمارس العادة السرية بها
كانت لتناسب مفكراً يسارياً
يضع ذقنه المدببّة عليها في صورته الرائجة
في الصحف

أما سيرتي الشخصية
فيمكن أن تُروى على لسان حيوان يُعاد الى الغابة
بعد أن يموت صاحبه في دار للمسنين.

6
السرعة ضد الشعر
أحب الواقع بطيئاً وكأنه
إعادة عرض لحياة سابقة
عرض نبحث فيه عن الخطأ
هل كان في مكانه الصحيح
هل كان بلون مناسب للطبيعة الرعوية
التي خلفه
هل يبدو وكأنه مبرر لكل ما حوله

السرعة ضد الشعر
أحب شرب الشاي فاتراً
وأن أقضي وقتاً أطول في النظر
الى السيجارة قبل أن أدخنها
أشم رائحتها أحياناً
أحب منظر الدخان وهو يمضي
كسولاً الى أعلى

الأفكار أيضاً لا تكبر بسرعة
الاطفال أسرع نمواً من أي فكرة
هذا يعجبني أيضاً
الأفكار كبيض حيوان منقرض
ننتظر متى يفقس
لنرى ما هو ذلك الحيوان

وهذا ما أعنيه فلن يصبح الشعر
كلباً أبيض ينبح المارة ويتبول على
الطرقات
قبل ألف سنة من الآن.

7
الحروب وحدها تهبُنا الشهداء
الذين ستقف الجموع على قبورهم بخشوع
ويشعرون أن هناك من يموتون
لنجد أياماً شجية ومبرحة كهذا اليوم

يومٌ نعرف كل سنة كيف سننفقه
بنظرات الاسف
والحديث عن الأسباب المتبقية للحياة
ونردد الحروب وحدها الحروب تهبنا
الشهداء
الذين يسبقوننا الى الآخرة
بذكريات قليلة وحزينة
لنحمل الشموع في طريقهم ثم
نعود الى بيوتنا لنعدّ وجبة سريعة للعشاء
كجنود نضع خوذاتنا على المائدة
و نخمن بم تفكر...

الحرب يمكن أن نصطحبها الى البيت
ونُجلسها أمام المدفأة
لتعطي ظهرها للنار
وتقول قصتها
وهي تنشف شعرها الأبيض

إنها جارتنا العجوز التي تطوف
على البيوت وتنتظر أن يكبر الصغار
الذين يلاحقونها
من بيت لبيت.


* شاعر سعودي
** القصائد من مجموعة ستصدر قريباً بالعنوان نفسه