بغداد | في كانون الأول الماضي، أمهل محمد شياع السوداني جميع الوزارات مدّة زمنية لا تتجاوز الستّة أشهر، ليتمّ خلالها تقييم عمل جميع الوزراء والوكلاء وحتى المستشارين والمحافظين، ومدى جدّيتهم في العمل والالتزام بتطبيق المنهاج الحكومي، في حين يرى بعض المسؤولين أن «التقييم لم يكن منطقياً في غياب التخصيصات المالية من الموازنة». وتشهد البلاد حالة من الركود الاقتصادي وشللاً في جميع المجالات الأخرى، جرّاء تأخّر إقرار الموازنة التي قرأها البرلمان العراقي للمرّة الثانية، وسط مناقشات معمّقة واعتراضات واسعة. لكن مصادر سياسية، طلبت عدم ذكر اسمها، تكشف، لـ«الأخبار»، أن «اللجنة التي شكّلها السوداني قدّمت قبل أيام تقريراً تفصيلياً بعمل الوزارات، ستجري على إثره تغييرات وزارية، وذلك بعد انتهاء عطلة عيد الفطر»، مشيرة إلى أن «رئيس الوزراء سيعفي المديرين والوكلاء الذين ثبتت عليهم تهم فساد وتقصير».وفي السياق نفسه، يؤكد المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي، أن «رئيس الوزراء لديه نيّة تعديل وزاري بعد انتهاء فترة الستّة أشهر الأولى»، مستدركاً، في تصريح إلى «الأخبار»، بأن «تأخّر إقرار الموازنة وأزمة الفارق في سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي، مدّدا الفترة أكثر». ويلفت العوادي إلى أن «تفاصيل التعديل الوزاري تبقى حبيسة قناعة رئيس الوزراء وتخطيطه واختياره التوقيت المناسب، وتهيئة الأرضية للتعديل مع القوى الحليفة للحكومة». وعن التقييم الجاري لعمل الوزراء، يقول نائب رئيس لجنة التخطيط ومتابعة العمل الحكومي في مجلس النواب، محمد البلداوي، لـ«الأخبار»، إن «تغييراً مرتقباً سيطال بعض الوزراء والمحافظين»، مضيفاً أن «بعض المناصب وخاصة الخدمية ستتعرّض لتغيير جذري». ويبيّن البلداوي أن «التقييم فيه أقسام عدّة، منها ما يتعلّق برؤية السوداني واللجنة التي شكّلها لمتابعة عمل المحافظين والوزراء»، متابعاً أن «هناك مَن تفاعل وعمل بجدّ وحرص خلال مدّة ستّة أشهر، فيما أخفق آخرون في تقديم الخدمات وإنجاز المشاريع التي ترفع من مستوى ونِسب إنجازهم وعملهم». ويشير إلى أن «ثمّة فساداً وتلكّؤاً واضحَين في عمل المحافظين والقائمقامين وباقي الوحدات الإدارية للأقضية والنواحي، وهؤلاء ستكون هناك توجيهات صارمة من رئيس الحكومة بإزاحتهم من مناصبهم». ويكشف أنه «خلال الأيام المقبلة سيكون هناك اجتماع برئاسة السوداني لتقييم عمل الوزراء، وعلى أساسه، سيتمّ التغيير على جميع المستويات الإدارية».
المتحدث باسم الحكومة: «رئيس الوزراء لديه نيّة تعديل وزاري بعد انتهاء فترة الستّة أشهر الأولى»


بدوره، يرى النائب في البرلمان، وعضو «الإطار التنسيقي»، علي الفياض، أن «السوداني متفاعل مع قضية التعديل الوزاري، في حالة وجود تقصير أو فساد لدى الوزراء والمحافظين، ونحن متفائلون بتحرّكات رئيس الحكومة في إطار تنفيذ المنهاج الوزاري». ويتوقّع الفياض، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «يستضيف مجلس النواب وزراء وشخصيات تنفيذية لمناقشتها في أمور عدّة... لكن بعد عطلة العيد»، لافتاً إلى أن «تأخير إقرار الموازنة يؤثّر بكلّ تأكيد على عمل الوزارات من ناحية الصرف على توفير الخدمات، ولكن هناك وزارات تحتاج إلى مراجعة لتقييم عملها وأخرى في مراحل متقدّمة من العمل والإنجاز».
في المقابل، يستبعد عضو «مركز الاستقصاء لتقييم العمل الحكومي»، ماهر عبد جودة، إجراء تعديلات حكومية «في ظلّ وجود تأثير سياسي قد يمنع المساس ببعض الشخصيات التنفيذية». ويصف عبد جودة، في تصريح إلى «الأخبار»، «خطوة السوداني بمنح وزرائه فترة زمنية للعمل ومن ثمّ التقييم» بـ«الإيجابية»، مستدركاً بأن «هذا لا يُعتمد في حال الأزمة المالية التي تعيشها البلاد، وغياب الموازنة وتقلّبات سعر صرف الدولار». مع ذلك، يعتقد أن «هذه هي الفرصة الأخيرة لحكومة الإطار لإثبات جدّيتها في العمل ومحاسبة الفاسدين، وإلّا سيكون السوداني في حالٍ لا تختلف عن أسلافه من رؤساء وزراء». وفي الاتّجاه نفسه، يرى المحلّل والكاتب السياسي، محمد الهاشم، أن «وجود السوداني بين الأحزاب سيجعله يتراجع عن ضرب رؤوس الفساد الكبيرة، وحتى عن محاسبة وزير ينحدر من حزب معيّن». ويقول، لـ«الأخبار»، إن «ثقافة تقييم الأداء في العراق غير مستساغة وصعبة، والكثير يراها استهدافاً لهذه الجهة أو تلك. والتقييم، إنْ جرى، سيكون غير مهني نتيجة الضغوط السياسية وتدخّلها في العمل التنفيذي».