بعد مخاض عسير من المفاوضات الصعبة بين الحزبين الرئيسيين في اليونان، كُلف النائب السابق لمحافظ البنك المركزي الاوروبي لوكاس باباديموس بتأليف حكومة الإنقاذ الوطنية، لكن انتظار الأوروبيين لم يهدأ بعد، فالأنظار مشدودة الآن باتجاه روما من أجل تكليف رئيس لحكومتها، وقد حذر صندوق النقد الدولي في هذا الشأن من عواقب التأخير وعدم الوضوح على الأسواق. وأعلن مكتب الرئاسة اليونانية أن باباديموس سيرأس الحكومة الائتلافية الطارئة الجديدة والمكلفة بإنقاذ اليونان من العجز عن سداد الديون والإفلاس والحيلولة دون الخروج من منطقة اليورو. وذكر مسؤول في المكتب الرئاسي أن الحكومة الائتلافية ستؤدي اليمين اليوم ظهراً بالتوقيت المحلي لمدينة أثينا. هكذا، وبعد أربعة أيام من المفاوضات الصعبة بين الحزبين الرئيسيين «باسوك» الحاكم و«الديموقراطية الجديدة»، حُسم الأمر لصالح باباديموس، وهو شخصية تحظى بالاحترام في العواصم الأوروبية وفي الأسواق المالية، ليقود حكومة وحدة وطنية عليها أن توافق على خطة إنقاذ حجمها 130 مليار دولار مع منطقة اليورو قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وقال باباديموس بعد تكليفه إن التفويض الرئيسي لحكومته يتمثل في تنفيذ اتفاق انقاذ مع منطقة اليورو، داعياً إلى تأييد أوسع للحكومة الائتلافية. وأضاف «يواجه الاقتصاد اليوناني مشكلات ضخمة بالرغم من الجهود المبذولة. الخيارات التي سنتبناها ستكون حاسمة للشعب اليوناني». وأكد أن عضوية اليونان في منطقة اليورو تضمن الاستقرار المالي في البلاد وستسهل عملية الاصلاح الاقتصادي الصعبة.
أما في روما، فقد أعلن رئيس الحكومة الايطالية المستقيل سيلفيو برلوسكوني دعمه للمفوض الأوروبي السابق ماريو مونتي، الذي يعد الأوفر حظاً لخلافته في رئاسة الوزراء، وذلك بعدما عينه الرئيس الايطالي جورجيو نابوليتانو عضواً في مجلس الشيوخ لمدى الحياة في قرار يفسر على أنه تمهيد لتعيينه على رأس الحكومة المقبلة خلفاً لبرلوسكوني.
وكانت الأسواق تدفع منذ أسابيع باتجاه اختيار مونتي، وهو شخصية دولية تحظى باحترام كبير، بصفته الشخص الأنسب لقيادة حكومة وحدة وطنية تمضي على الفور في اجراءات تقشفية قاسية. وفي تطور رئيسي، خفف حزب «شعب الحرية» الحاكم بزعامة برلوسكوني من اصراره على أن الانتخابات المبكرة هي السبيل للخروج من الأزمة السياسية، وقال إنه يدرس خيار تشكيل حكومة يتزعمها مونتي.
أوروبياً، دعت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إلى الوضوح السياسي في جهود احتواء أزمة الديون التي تعصف بايطاليا. وقالت إن عدم اليقين بشأن من سيخلف برلوسكوني يزيد الأسواق تقلباً. وقالت خلال زيارة لبكين «لا أحد يفهم بالضبط من سيكون الزعيم المقبل. يفضي هذا الارتباك إلى التقلبات». وأضافت «لذا أرى أن الوضوح السياسي يؤدي إلى مزيد من الاستقرار».
في هذه الأثناء، ظهرت مؤشرات اقتصادية سيئة تعكس حجم المشكلة التي تواجهها المنطقة؛ ففي اليونان أعلن جهاز الإحصاءات «ال ستات» أن «البطالة قفزت إلى 18.4 في المئة» وهي نسبة قياسية في آب في أوج موسم السياحة عندما يتراجع هذا المعدل عادة بعدما كان 16.5 في المئة في تموز.
من جهة ثانية، تراجع سعر اليورو الى ما دون 1,35 دولار للمرة الأولى منذ شهر، فيما تشهد الأسواق قلقاً متزايداً ازاء قدرة ايطاليا على الوفاء بالتزاماتها المالية. ولم تشهد العملة الأوروبية الموحدة مثل هذا التراجع أمام الدولار منذ 10 تشرين الأول. كذلك تراجع اليورو أمام الين ليصل الى 104,99 ين مقابل 105,38.
(أ ف ب، أ ب، يو بي آي، رويترز)