أسفرت نتائج الانتخابات المناطقية والبلدية في إسبانيا، أول من أمس، عن هزيمة نكراء للحزب الاشتراكي الحاكم، أتت أسوأ من المتوقَّع، في مقابل نصر غير مسبوق للحزب الشعبي اليميني المعارض. وخسر الحزب الاشتراكي معاقله التاريخية وأكبر مدنه مثل برشلونة وإشبيلية، بينما رسّخ الحزب الشعبي نفوذه في العاصمة مدريد وفي فالنسيا. أما المدن الأخرى كبرشلونة أو مناطق أستورياس التي لم يفز فيها، فيعود الفشل فيها إلى أن قوى محافظة محلية قد تكفلت بإقصاء الاشتراكيين. وفي مجمل النتائج، تقدم الحزب الشعبي بـ10 نقاط مئوية على منافسه، وهو أكبر فارق يُسجَّل بين الحزبين منذ عودة الديموقراطية إلى البلاد. وقبل استحقاق أول من أمس، كان الفارق الأكبر المسجَّل بينهما أقل من 5 نقاط، حقّقه الحزب الشعبي في الانتخابات المحلية عام 1995، ما مهد لوصول خوسي ماريا أزنار في حينها إلى السلطة. وتميزت الانتخابات الأخيرة بارتفاع المشاركة، وبالأوراق البيضاء معاً، وبتقدم مقبول لليسار الموجود على يسار الحزب الاشتراكي، وبتحقيق ائتلاف «بيلدو»، الذي يضم منشقين عن منظمة «إيتا» الانفصالية الباسكية وعن استراتيجيتها العسكرية، نتائج طيبة وضعته في مرتبة القوة الثانية في المنطقة الباسكية وبلدياتها. واستبق رئيس الوزراء خوسي لويس ثاباتيرو ـــــ الذي خاض آخر معاركه الانتخابية ـــــ التعليقات السياسية، فاعترف سريعاً بالهزيمة، وهنّأ خصومه، محذراً إياهم من أنه لن يقبل بانتخابات مبكرة (وموعدها محدَّد في شهر آذار المقبل)، مشيراً إلى أن الانتخابات الداخلية في الحزب الاشتراكي لتحديد هوية خلفه ستجري أيضاً مثلما كان مخطَّطاً لها. وستنحصر المنافسة بين نائب رئيس الحكومة، وزير الداخلية المحنك ألفريدو بيريز روبالكابا، ووزيرة الدفاع «الشابة» كارمين شاكون، وستتحدّد مواعيدها قبل نهاية الأسبوع. في المقابل، إنّ الحزب الشعبي، الذي احتفل بنصره التاريخي وبسيطرته للمرة الأولى على مناطق مثل الأندلس، يدري تمام المعرفة أن الانتخابات المبكرة ستضمن له ولزعيمه ماريانو راخوي نصراً مؤكداً؛ إذ إنه يراهن على أثر هزيمة الاشتراكيين وعلى خلافاتهم الداخلية وعلى عدم تحسُّن الوضع الاقتصادي في البلاد لإجبارهم على الخروج من السلطة.
يبقى اللاعب الجديد، وهو «حركة الشبيبة» التي وجدت إلهامها ووسائل نضالها في الثورتين التونسية والمصرية، والتي احتلت ساحات المدن في 15 أيار الجاري. فقد قررت الحركة البقاء أسبوعاً إضافياً في الشوارع، وهي من نتائج الأزمة الاقتصادية والبطالة المتفشّية التي تطال شاباً واحداً من أصل اثنين تقريباً، فضلاً عن رفضها اللعبة السياسية التقليدية والفساد. وبعدما خطفت الأضواء من الانتخابات، أمامها مهلة تنتهي يوم السبت لتثبت قدرتها على حمل برنامج والاستمرار، ليس بالضرورة في الشوارع.