ما إن أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما مقتل زعيم تنظيم «القاعدة»، أسامة بن لادن، حتى انهالت ردود الفعل الدولية المهلّلة لهذا الإنجاز، قبل أن يطغى الخوف على بعض هذه الدول، فسارعت إلى تشديد إجراءاتها الأمنية، خشية عمليات انتقامية متوقعة.ودعت الشرطة الدولية «الإنتربول» إلى التيقّظ من احتمال ازدياد خطر شن هجمات إرهابية. وأصدر أمينها العام، رونالدز كي نوبل، بياناً دعا فيه الأجهزة الأمنية في الدول الأعضاء إلى الكثير من اليقظة، بسبب «خطر إرهابي من قبل إرهابيين مرتبطين بالقاعدة، أو يستلهمون منها نتيجة مقتل بن لادن».
وسارعت بريطانيا إلى دعوة رعاياها في الخارج لتوخي الحيطة والحذر. وقالت وزارة الخارجية إن مقتل زعيم تنظيم القاعدة سيؤدي إلى زيادة العنف والنشاط الإرهابي»، وطلبت من جميع السفارات في الخارج مراجعة تدابيرها الأمنية. كذلك نصحت البريطانيين في الخارج «بمتابعة وسائل الإعلام بعناية لرصد ردود الفعل المحلية، وتوخي الحيطة والحذر في جميع الأماكن العامة، وتجنب التظاهرات والحشود الكبيرة من الناس والمناسبات العامة».
وقال وزير الخارجية وليام هيغ «علينا أن نتذكر أن هذه ليست نهاية مرحلة اليقظة من تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به، وقد تكون هناك فصائل من التنظيم ستحاول في الأسابيع المقبلة إثبات أنها ما تزال ناشطة». أما رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، فأشار إلى أن بريطانيا «يجب أن تظل يقظة رغم موت بن لادن»، مضيفاً إن «هذه الأنباء ستقابل بترحاب في شتى أنحاء العالم». إلا أن القلق لم يمنع بريطانيا من الثناء على عملية القتل.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن مقتل بن لادن «يعد انقلاباً كبيراً في مكافحة الإرهاب»، لكنه حذر، إلى جانب وزير خارجيته آلان جوبيه من أن هذا «لا يعني نهاية القاعدة»..
كذلك، أعلنت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن قتل بن لادن «انتصار لقوى السلام»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن «الإرهاب العالمي لم يدحر بعد، ويجب علينا جميعاً أن نبقى حذرين»، فيما رحب كل من وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، ورئيس الاتحاد الأوروبي هيرنان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية جوزي مانويل باروزر، والأمين العام لحلف شمالي الأطلسي أندرس فوغ راسموسن، ومنظمة العفو الدولية، والفاتيكان، بالعملية.
تركيا أيضاً، أعربت على لسان رئيسها عبد الله غول، بأن «الطريقة التي صفّي بها يجب أن تكون مثالاً لكل العالم». أما إيران، فقالت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، رامين مهمانبرست، إن «ذريعة محاربة الإرهاب التي تتبجح بها القوى العالمية لغزو المنطقة زالت اليوم بمقتل بن لادن». وكان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي، علاء الدين بروجردي، قد شكّك بمقتل بن لادن، وقال إن أميركا «ستتذرع بمقتله من أجل إقامة قاعدة دائمة لها في أفغانستان».
وكان لإسرائيل موقفها أيضاً من مقتل بن لادن. وقال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن «دولة إسرائيل تشارك الشعب الأميركي فرحته في هذا اليوم التاريخي بتصفية بن لادن»، فيما قال وزير الدفاع إيهود باراك «ثبت مرة أخرى أن الحرب ضد الإرهاب هدف مشترك للأنظمة الديموقراطية القيادية في العالم، وستحسم بجهد مشترك ومتعدد الأذرع، وهي لم تنته بعد».
عربياً، رحبت معظم الدول بقتل بن لادن، فيما سارعت مصر والعراق إلى تكثيف إجراءاتهما الأمنية. وفرضت أجهزة الأمن المصرية إجراءات مشددة حول السفارات الأجنبية في القاهرة والجيزة، وخصوصاً سفارات الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل، إضافة إلى المطارات. ورغم الإجراءات هذه، لم يصدر أي موقف رسمي عن العملية، واكتفى وزير الخارجية نبيل العربي بالقول إنه «ليس لديه تعليق» على مقتل بن لادن، مكتفياً بتأكيد معارضة بلاده «لكل أشكال العنف».
وكان لافتاً موقف المتحدث باسم الإخوان المسلمين، عصام العريان، الذي قال إنه «بمقتل بن لادن، أزيل أحد أسباب ممارسة العنف في العالم»، مضيفاً إن «الثورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط دليل على أن الديموقراطية لها مكان في الشرق الأوسط، والمنطقة لا تحتاج إلى احتلال أجنبي بعد الآن».
من جهتها، قالت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إن «تنظيم القاعدة قد يتأثر بمقتل زعيمه، لكنها حذرت من أن معاملة الغرب للعالم الإسلامي تبقي البيئة مهيأة لولادة قاعدة أو قواعد جديدة»، فيما استنكر رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية، مقتل بن لادن، وقال «إن صحت هذه الأخبار، فإن ذلك يأتي ضمن السياسة الأميركية القائمة على البطش وسفك الدم العربي والإسلامي»، واصفاً بن لادن بأنه «مجاهد مسلم».
كذلك، وضع العراق الجيش والشرطة في حالة التأهب القصوى تحسباً لشن عمليات انتقامية. وقال رئيس هيئة أركان عمليات بغداد، حسن البيضاني، «أصدرنا الأوامر باتخاذ الحيطة والحذر وكثفنا العمل الاستخباري في الشوارع»، مضيفاً «نتوقع مئة في المئة وقوع هجمات، لأن مثل هذه التنظيمات تسعى الى إثبات الوجود في مثل هذه الظروف»، فيما أعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية، علي الدباغ: أن «الحكومة العراقية تشعر بارتياح كبير لمقتل بن لادن الذي كان مخططاً وموجهاً للكثير من أعمال القتل للعراقيين وتدمير البلد والتسبب بالكثير من المشاكل للعراقيين».
السعودية أيضاً أملت أن يكون مقتل بن لادن خطوة نحو دعم الجهود الدولية في «مكافحة الإرهاب وتفكيك خلاياه». فيما قال مسؤول في الرئاسة اليمنية: «نأمل أن يكون مقتل بن لادن بداية النهاية للإرهاب». كذلك أعلنت السلطة الفلسطينية أن مقتل بن لادن «مفيد لقضية السلام».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)