هل ينتهي شهر العسل بين فرنسا وقطر؟ العلاقة التي أثير حولها الكثير من الشبهات حول رغبة قطر في التحكم بباريس، هي اليوم أمام امتحان بعد الحديث عن الدور القطري في دعم الجماعات المسلحة في مالي. فالشارع الفرنسي، كما المعارضة، يريد من الحكومة جواباً واضحاً عن سؤال «كيف يمكن أن تكون قطر صديقتنا الحميمة، وفي الوقت نفسه تدعم أعداءنا الإسلاميين في شمال مالي؟».
فمنذ سيطرة الإسلاميين على شمال مالي في حزيران الماضي، ازدادت الشكوك في فرنسا عن الدور الذي لعبته قطر في دعم الجماعات الإسلامية بالسلاح والمال، وهو ما عبر عنه صراحة زعيما المعارضة الفرنسية، رئيس الجبهة الوطنية مارين لوبان، والسيناتور الشيوعي ميشيل ديميسيني، الأسبوع الماضي.
هواجس المعارضة تلاقت مع ما كشفته أسبوعية «لو كنار أنشيني» الفرنسية الساخرة من أن قطر مولت الجماعات المسلحة سراً. وفي مقال بعنوان «صديقنا في قطر يمول إسلاميي مالي»، قالت المجلة إن الاستخبارات العسكرية الفرنسية كانت على علم بأن الجماعات المسلحة التي تنشط في شمال مالي تلقت مساعدات مالية بعملة الدولار من قطر، وبالنشاطات التي تقوم بها هذه الإمارة الصغيرة في مالي، مضيفةً إن فرنسا التي كانت على علم بتصرفات الدوحة، ولم تتدخل لوقف هذه النشاطات التي بإمكانها أن تزعزع منطقة الساحل والدول المجاورة.
وقالت الأسبوعية إن الرئيس الفرنسي هولاند طلب من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لدى استقباله بقصر الإليزيه في 22 كانون الأول الماضي، أن توقف قطر دعمها للجماعات المسلحة في شمال مالي، وخصوصاً أن فرنسا ترى في اهتمام قطر بمنطقة الساحل نوعاً من منافستها في مستعمراتها السابقة.
وأشارت «لو كنار أنشيني» أيضاً إلى أن أمراء هذا البلد الخليجي يموّلون جماعات مسلحة قررت إنشاء دولة إسلامية على الحدود مع الجزائر وتقوم بنشاطات إرهابية داخل أراضي هذا البلد المجاور وفي منطقة الساحل. وأضافت إن قطر تملك أطماعاً اقتصادية في المنطقة. فهي تريد استغلال الثروات النفطية الباطنية الموجودة في الساحل، وهذا ما جعلها تمول جماعات مسلحة تسيطر على هذه المنطقة. كما أضافت إن محادثات سرية بدأت مع شركة «توتال» الفرنسية من أجل استخراج النفط الموجود بكثرة في هذه المنطقة
من جهة أخرى، كشفت الأسبوعية نفسها أن وزير الدفاع الفرنسي الجديد جان إيف - لودريان يعلم جيداً بكل ما يحدث في منطقة الساحل وبالأنشطة التي تقوم بها قطر هناك، مضيفةً إن المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي رفعت في بداية السنة الجارية تقارير عديدة لقصر الإليزيه تبرز تصرفات قطر المشبوهة، سواء كان في شمال مالي أو في الدول التي عرفت الربيع العربي، دون اتخاذ أي إجراء لوقفها.
وأوضح الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي (يزار)، المختص في مالي، أندريه برغوت، أنه «حتى إذا لم يكن هناك أي دليل رسمي بشأن اتصال ممكن بين الدوحة وهذه المجموعات الجهادية، فهناك مجموعة من المؤشرات تزيد بقوة الشك».
وعلى الرغم من عدم وجود دليل يدين قطر ،إلا أن مدير المركز الفرنسي للبحوث حول الاستخبارات، إريك دونيسيه، مقتنع بأن «الدوحة تلعب دوراً أينما وجدت حركات إسلامية كما كانت الحال في ليبيا، وحالياً في سوريا».
من جانبه، أوضح الجغرافي مهدي أزار، في مقال نشرته «Express» في 4 كانون الأول الماضي، أن الرابط بين مالي وقطر لم يبدأ من اليوم، فالدوحة «تمول بالفعل شبكة من المدارس الدينية والجمعيات الخيرية التي يعود تاريخها إلى1980 و1990 في مالي». ويضيف إن هناك أسباباً سياسية أكبر من الاقتصادية لكي تلعب قطر دوراً في مالي «كما هي الحال في سوريا، فإن وجود الإمارة في مالي ينبغي أن ينظر في سياق المنافسة، إذا كان واقعياً، أولاً مع المملكة العربية السعودية من أجل السيطرة على عالم الإسلام السني، ولكن أيضاً لزيادة الوزن من الإسلام السني ضد الشيعة نفسه، وهو الدور الذي تلعبه في مصر وليبيا وتونس».