تنقلت قرارات الرئيس دونالد ترامب، منذ تسلّمه السلطة، بين كل مجالات الحياة الأميركية، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وبفضل أسلوبه المباشر، كانت هذه القرارات كافية لتعكس المدى والقدرة التي يمكن أن يصل إليها أي رئيس أميركي، بموجب السلطة الممنوحة له.
هي أيضاً خير تمثيل للانتقال من موقع المرشح إلى موقع الرئيس؛ وفيما كانت تصريحات ترامب «المرشح» توصف بالقنابل الموقوتة، وصل الأمر بمجلة «ذي إيكونوميست» إلى وصف قراراته كـ»رئيس» بالمولوتوف. أما الوعود المبالغ فيها، خلال حملته الانتخابية، فهي تبدو أقرب ما تكون إلى «ثورة تهدف إلى زعزعة واشنطن والعالم»، كما قالت «الإيكونوميست».
بنظرة سريعة إلى القرارات «السريعة» التي أصدرها دونالد ترامب، يمكن تلخيص «إنجازاته»، منذ الـ 20 من كانون الثاني، كما يأتي:
*تمحور اليومان الأولان في الإدارة حول تصريحات مثيرة للجدل، أدلى بها ترامب في مناسبات عدة، لكنها لم تكن خارجة عن المألوف منه. ثمّ بدأت الأحداث تأخذ منحى أكثر جدية، يوم الاثنين في 23 كانون الثاني، عندما وقّع أول قرار تنفيذي يمنع بموجبه تمويل منظمات أجنبية غير حكومية تدعم الإجهاض من الأموال الفدرالية. وأعلن عن نيّته الخروج من معاهدة التجارة عبر المحيط الهادئ. ومع ما تضمنه هذا الإعلان من تماشٍ مع سياسته الحمائية المرتقبة، إلا أنه لم يكن ذا نتائج مباشرة، ذلك أن المعاهدة لم تكن قد فُعّلت بعد، على الرغم من تمضية سنوات في التفاوض بشأنها، خلال عهد باراك أوباما.
*أعقب ذلك بقرار آخر وقّعه في 24 كانون الثاني، ويقضي بمواصلة بناء خطوط الأنابيب «كيستون إكس إل» و»داكوتا». بهذا القرار، طرح ترامب جانباً الجهود التي بذلتها إدارة أوباما، لمنع بناء الخطين بسبب آثارهما البيئية السيئة، في حين أوفى هو بأحد وعود حملته الانتخابية.
*في 25 كانون الثاني، وقّع قراراً تنفيذياً يتمحور حول الوفاء بوعد آخر من وعوده الانتخابية. وأمر الحكومة الأميركية بالبدء ببناء الجدار مع المكسيك، موضحاً أن واشنطن ستنفق على هذا المشروع، لكن المكسيك ستعوّض لاحقاً، الأمر الذي أعلن قادة هذا البلد رفضهم له. ترامب يواجه حالياً معضلة تأمين تمويل لهذا الجدار. وقد ذكرت وسائل إعلام أميركية أن «عدداً متزايداً من الجمهوريين في الكونغرس يعارضون الكلفة والمغزى من بنائه». ووصل تقطّع السبل بترامب إلى طلب المساعدة من أحد أصدقائه الأغنياء؛ فوفق وكالة «بلومبرغ»، طلب ترامب من الملياردير وقطب العقارات في ميامي، جورج بيريز، المساعدة في إقامة هذا الجدار، إلا أن هذا الأخير رفض على اعتبار أن الفكرة «غبية».
*في 26 كانون الثاني، أعلن ترامب خلال زيارته لمقرّ الحزب الجمهوري في فيلادلفيا، أنه سيفي بوعده بإلغاء برنامج الرعاية الصحية (أوباما كير) الذي أقرّه باراك أوباما. حالياً، تواجه هذه الخطوة عقبات كثيرة، بدأت بحملة يشنّها الديموقراطيون للحفاظ على «أوباما كير»، لتواجه صعوبة إيجاد بديل سريع للبرنامج الصحي، وصولاً إلى اعتراضات شعبية.
في هذا الوقت، كان الرئيس المكسيكي بينو نييتو، قد أعلن إلغاء زيارته للولايات المتحدة، على خلفية الجدال بشأن الجدار.
*في السابع والعشرين من الشهر نفسه، أي بعد مرور أسبوع على تسلّمه منصبه، رفع ترامب من مستوى قراراته المثيرة للجدل، موقّعاً على قرار تنفيذي يقضي بمنع المسافرين من سبع دول ذات غالبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة. أدى الارتباك في المطارات، على خلفية القرارات، إلى فوضى عارمة. كذلك، قوبل القرار بتظاهرات في المطارات الأميركية. وتعقيباً على هذا الإجراء، كان هناك إجماع على أن ترامب «متهوّر وفوضوي»، انطلاقاً من واقع أن القرار وُضع بالسر من دون إطلاع السلطات الخاصة عليه، وجرى تطبيقه على عجل. وقد أكد منتقدوه أن من غير المحتمل أن يحقّق الأهداف التي أقرّ من أجلها، أي «إنقاذ الولايات المتحدة من الإرهاب». حتى إن حلفاء ترامب الجمهوريين رأوا أن «سياسته ذات الأهداف الجيّدة» قد شُوّهت عند تنفيذها.
*في الـ 28 من كانون الثاني، قام ترامب بإحداث تغييرات في مجلس الأمن القومي، ورقّى كبير استراتيجييه ستيفن بانون، ليكون عضواً دائماً في اللجنة الأساسية للمجلس، مانحاً إياه مرتبة مساوية لغيره من المسؤولين والوزراء في الحكومة، الأمر الذي ووجه باعتراضات على كل المستويات، وأدى إلى أخذ ورد بين البيت الأبيض والديموقراطيين في الكونغرس، الذين يطالبون ترامب بإزاحة بانون من منصبه الأخير، على اعتبار أنه غير شرعي، وأن تعيينه يخالف القانون الفدرالي.

رأى كثيرون أن ترامب
«متهوّر وفوضوي» بعد
قرار منع السفر


في اليوم نفسه، اتصل ترامب بعدد من القادة الأجانب، بمن فيهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. كما أجرى مكالمة «متوترة» مع أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة، وهو رئيس الحكومة الأوسترالية مالكولم تورنبول. عقّب ترامب على هذه المكالمة بأنها «الأسوأ حتى الآن»، ذلك أن الرجلين اختلفا على اتفاق كانت قد أجرته إدارة أوباما مع أوستراليا يقضي بتبادل مهاجرين. ووصف كثيرون تصرّف ترامب بأنه مخالف للبروتوكول، ويقضي على أبرز التحالفات الأميركية.
*في 29 من الشهر الماضي، قُتل أحد جنود البحرية في غارة أميركية ضد «القاعدة» في اليمن، ليكون بذلك أول الضحايا العسكريين لإدارة ترامب، فيما قالت مصادر (موقع واللا العبري) إنّ العدد الحقيقي للجنود القتلى هو ثمانية. بعدها، خلال ذلك الأسبوع ارتفعت التساؤلات حول إجراء هذه العملية. وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز»، أن إدارة ترامب تسرّعت في إصدار توجيهات بالقيام بهذه العملية. وذكرت أن «الإنزال الجوي كشف عن قصور استخباري أميركي في اليمن». الصحيفة أشارت، فضلاً عن ذلك، إلى أن مساعدين للرئيس باراك أوباما، كانوا قد رأوا أن هذه الخطة محفوفة بالمخاطر، إلا أن ترامب وافق عليها. مع ذلك، وصف ترامب أول عملية «لمكافحة الإرهاب» في عهده بأنها «ناجحة»، مدّعياً بأن القوات الخاصة حصلت على معلومات استخبارية مهمة، من شأنها أن تساعد الولايات المتحدة في «منع الإرهاب على مواطنيها».
*في هذا الوقت، كانت التظاهرات تتواصل في المطارات ضد قرار ترامب المتعلّق بحظر الدخول المؤقت لعدد من الجنسيات. وفي الثلاثين من كانون الثاني، أعلنت المدعية العامة سالي ياتس، أنها ستطلب من محامي وزارة العدل أن لا يدافعوا عن قراره. بعدها بساعات، طردها ترامب، وعيّن مكانها شخصاً آخر لا يعارض قراراته. ولكن الاعتراضات على القرار لا تزال تصدر من كل حدب وصوب، من جمهوريين وديموقراطيين، ما يعكس القلق بشأن تطبيقه.
*في الأول من شباط الجاري، خرج مستشار ترامب للأمن القومي مايكل فلين، بإعلان مفاجئ، قال فيه إن إدارة ترامب حذرت إيران «رسمياً»، بعد التجارب الصاروخية التي قامت بها. تلا ذلك قرار صدر في 3 شباط، تضمّن وضع عقوبات جديدة على إيران، على خلفية التجارب الصاروخية التي قامت بها. وقد ووجه هذا القرار باستغراب ومعارضة داخلية وخارجية. وفيما أشار العديد من الخبراء إلى أن الاختبارات الإيرانية لا تخالف الاتفاق النووي، لفتوا إلى أن الهدف من العقوبات تهديد الاتفاق وزعزعته.
* أخيراً، وفي ظل تنامي الاعتراض على مرسوم ترامب بشأن «حظر السفر المؤقت»، أصدر القاضي الفدرالي جيمس روبارت، الذي يتخذ من سياتل مقراً له، قراراً بوقف تنفيذ المرسوم، بانتظار النظر بشكل معمّق في شكوى قدمها النائب العام لولاية واشنطن بوب فرغسن، الذي يقول إنه يستهدف المسلمين من دون وجه حق. كما أصدر قضاة فدراليون في ولايات أخرى، قرارات ضد مرسوم ترامب، وخصوصاً في كاليفورنيا وولاية نيويورك. ترامب لم يُذعن، وقد هاجم القاضي الجمهوري، الذي جرى تعيينه خلال عهد جورج بوش الابن. وقال «رأي هذا الذي يسمى قاضياً، والذي يحرم بلدنا من تطبيق القانون، أمر سخيف وسيتم إلغاؤه». ثمّ طعنت وزارة العدل رسمياً بقرار القاضي روبارت لدى محكمة استئناف فدرالية، التي رفضت هذا الطعن.
(الأخبار)




«فورين بوليسي»: اليمن ساحة المواجهة بين ترامب وإيران

أفادت مجلة «فورين بوليسي» بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت خطوات تصعيدية في اليمن، كـ»جزء من خطة أوسع لمواجهة طهران، عبر استهداف حلفائها».
ونقلت المجلة عن مصادر متابعة للنقاشات داخل الإدارة، إشارتها إلى نشر واشنطن المدمّرة «كول» قبالة الساحل اليمني، لـ»حماية حرية الملاحة في مضيق باب المندب»، ودرس خطوات أخرى؛ بينها توجيه المزيد من ضربات الطائرات المسيّرة (Drones)، وإرسال مستشارين عسكريين لمساعدة القوات اليمنية، المدعومة من السعودية. وأبلغ أحد المستشارين العاملين مع فريق الأمن القومي المجلة، بأن «هناك رغبة داخل الإدارة في القيام بعمل قوي جداً ضد إيران في اليمن»، مضيفاً إن «الولايات المتحدة قد تنخرط، بشكل مباشر، في قتال الحوثيين»، إلى جانب حليفيها السعودي والإماراتي.
وأضافت المجلة إن «مساعدي ترامب يرون في اليمن ساحة مهمّة لإظهار تصميم واشنطن في مواجهة طهران، ولتغيير ما يعتبرون أنه فشل إدارة باراك أوباما في التصدي لتنامي القوة الإيرانية في المنطقة».