تطرّق أو لم يتطرّق إلى مسألة حقوق الإنسان، هو الجدل الذي أُثير أمس، في اليوم الثاني من زيارة الزعيم الليبي معمر القذافي إلى فرنسا، في الوقت الذي استمرت فيه مقاطعة الزيارة، هذه المرة في مقرّ الجمعية الوطنية حيث وُلد إعلان حقوق الإنسان.ودحض الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان تصريحات القذافي الذي أكّد فيها أنه لم يجر التطرق إلى مسألة حقوق الإنسان خلال لقائه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، موضحاً أنه كان شاهداً عندما «تحدّث عن سير الديموقراطية والحريات الفردية مع القذافي مرتين، أثناء محادثاتهما أولاً، ثم إلى مائدة العشاءوكان القذافي قد أكّد، في مقابلة أجرتها معه شبكة «فرانس 2» صباح أمس، أنه لم يبحث موضوع حقوق الإنسان مع ساركوزي، نافياً أن يكون الأخير قد طلب منه إحراز تقدم في هذا المجال، وهو ما كان قد أعلنه أول من أمس سيد الإليزيه خلال مؤتمر صحافي في قصر الإليزيه. وأوضح القذافي: «لم أتطرق وساركوزي إلى هذه المواضيع».
ولقي القذافي استقبالاً رسمياً حافلاً من رئيس الجمعية الوطنية برنار أكواييه، شارك فيه الحرس الجمهوري، إلا أنه لم يُلق كلمة من على منبر البرلمان كما فعلت قلة من الزعماء الأجانب مثل الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
والتقى القذافي أكواييه لمدة عشرين دقيقة ناقشا خلالها مسألة «انتقال ليبيا إلى الديموقراطية»، قبل أن يلتقي عدداً من برلمانيي الاتحاد من أجل حركة شعبية. ومن المقرر أن تستمر الزيارة حتى السبت، على أن يلتقي ساركوزي للمرة الثانية اليوم.
وخلال حفل الاستقبال، أعلن القذافي موقفه من الصراع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي قائلاً إنه «لا بد من إقامة دولة ديموقراطية واحدة، وعدم الفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، كذلك جدّد انتقاده لـ«تدويل نزاع دارفور» أمام حوالى ثلاثين نائباً فرنسياً، داعياً المجتمع الدولي إلى كف يده عن الأزمة التي «ستنتهي من تلقاء نفسها».
وأثارت هذه الزيارة، وهي الأولى للقذافي إلى فرنسا منذ 34 عاماً، موجة من الانتقادات في الشارع الفرنسي وتأجيج الجدل بين الطبقة السياسية. وقاطع نواب المعارضة اليسارية وعدد من نواب الأكثرية اليمينية زيارة القذافي لمقر الجمعية الوطنية. وتساءل زعيم الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند عما يمكن أن يفعله القذافي في «المكان الذي صدر منه إعلان حقوق الإنسان»، فيما وصف زميله بيار موسكوفيسي الزيارة بأنها بمثابة «مجيء ديكتاتور إلى هيكل الديموقراطية». وكتبت صحيفة «لوموند» الفرنسية أن «استقبال القذافي ليس مدعاة للفخر»، مضيفة أن «باريس تمنح شيكاً على بياض لديكتاتور قديم لأجل الوصول إلى دولارات بيع النفط».
وبعد توقيع فرنسا وليبيا أول من أمس على سلسلة من العقود شملت بشكل خاص تزويد ليبيا بمفاعل نووي واحد على الأقل لتحلية مياه البحر، أكّد المتحدث باسم ساركوزي، ديفيد مارتينون، أن ليبيا تجري محادثات لشراء معدات عسكرية فرنسية. وقال: «نريد أن نعمل مع الليبيين ما دام لا يوجد حظر أسلحة»، مضيفاً: «ليبيا عادت لتصبح زبوناً مثل أي طرف آخر».
وأفاد مسؤول في مكتب ساركوزي بأن ليبيا تسعى إلى إبرام صفقة عتاد دفاعية قيمتها 4.5 مليارات يورو، تتضمن 14 طائرة مقاتلة من طراز «رافال» (شركة داسو أفياسيون الفرنسية) و35 طائرة هليكوبتر وست سفن وعربات مدرعة ونظم رادار للدفاع الجوي، إضافة إلى 21 طائرة «ايرباص».
وتعدّ «رافال» من الجيل الجديد للطائرات الفرنسية التي تجمع بين مهام الطائرة المقاتلة والقاذفة، وطُرحت في السوق منذ 8 سنوات. وإذا تمّت الصفقة مع ليبيا فستكون أول طلبية من بلد أجنبي لشراء هذا النوع من الطائرات. ومن المتوقع أن تبلغ القيمة الإجمالية للصفقات التي تنوي طرابلس إبرامها مع باريس نحو 10 مليارات دولار.
(أ ف ب، رويترز، د ب أ)