تسعى إلى الحؤول دون إعادة القضاة وتقليص صلاحيّات الرئيس الباكستاني
واشنطن ــ محمد سعيدودخلت واشنطن على خط أزمة ملفّ القضاة، واتخذت موقفاً معادياً، وهي تمارس ضغوطاً مكثّفة على مختلف القوى لمنع عودتهم. ويقول محللون إنّ هناك ثأراً أميركياً مع القضاة الباكستانيين الذين فجّروا أمام الرأي العام قضية حقوق الإنسان الباكستاني، وطالبوا بضرورة تحديد مصير أشخاص مفقودين (اعتقلتهم الاستخبارات الباكستانية من دون إذن من الجهات المعنية).
وتقول تقارير غربية ومحلية إنّه جرى بيع عدد كبير من هؤلاء المعتقلين إلى الولايات المتحدة التي أودعتهم معتقل غوانتانامو ومعتقلات سرّية أخرى تشرف عليها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي آي إيه» بدعوى تورّطهم في «أنشطة متطرّفة وإرهابية»، في مقابل خمسة آلاف دولار لكل «رأس» يسلّم إلى الأميركيين. وتسلّم هذه الدولارات إلى الضابط الباكستاني الذي قام باعتقال الشخص تشجيعاً له (وهو الأمر الذي أدى إلى كشف الأصابع الأميركية في عمليات اعتقال هؤلاء الأشخاص واختطافهم، لا بدعوى التورّط في الإرهاب فقط، بل بدعوى التطرّف أيضاً). ويرى مراقبون أن واشنطن تسعى بكل جهدها إلى منع حدوث اتفاق بين حزب «الشعب» وحزب «الرابطة الإسلامية» بزعامة نواز شريف على ملف القضاة. وتقول مصادر مطلعة إنّ السفيرة الأميركية لدى باكستان، آن باترسون، مارست ضغوطاً على السياسيين الباكستانيين في هذا الشأن. وعندما نقل نواز شريف وآصف زرداري اجتماعاتهما إلى العاصمة البريطانية لندن، لحق بهما مساعد وزيرة الخارجية لشؤون جنوب آسيا، ريتشارد باوتشر، لمواصلة الضغوط لمنع التوصل إلى اتفاق بشأن القضاة.
الملف الثاني الذي يقلق واشنطن، هو ما أعلنه زرداري قبل أيّام، عن خطة لتعديل الدستور تهدف إلى تقليص صلاحيات مشرّف لجهة البرلمان والحكومة، وعرضها على البرلمان للتصويت عليها بداية الشهر المقبل. والتعديلات تربو على 62 وتهدف إلى إلغاء التعديلات التي أدخلها مشرّف بعد انقلابه العسكري عام 1999.
ويتخوف المراقبون من احتمال ردّ مشرّف على البرلمان ومن ورائه الحكومة إذا أقرّت التعديلات، وأن يلجأ إلى انقلاب آخر، ما يدفع إلى التساؤل عن الآلية التي سيستخدمها لتنفيذ انقلابه بعدما فقد سيطرته على القوّات المسلّحة.
ويشير خبراء إلى أنّ مشرف وضع أقرب حلفائه، وهو الجنرال طارق مجيد، قائداً للجنة التنسيق في الجيش، ومنحه الكثير من الصلاحيات قبل أن يتنازل عن منصبه العسكري. كما تردّدت تقارير، سواء في الداخل أو الخارج، عن رغبة مشرّف في التخلّص من قائد الجيش الجنرال أشفاق برويز كياني الذي أعلن تجنيب الجيش العمل السياسي، كما سحب ضباط الجيش من الإدارات المدنية في البلاد قبل الانتخابات، الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في أن تأتي الانتخابات حرّة ونزيهة بشهادة الأصدقاء والخصوم معاً. علاقة مشرّف بقائد جيشه تبدو غامضة نسبياً، لأنّ كياني حليف لمشرّف وصديق له، وحين عُيّن قائداً للجيش، تحدّث المراقبون عن أنّ «الجنرال تخلّى عن زيّه لرجُلِه أشفاق كياني».
من جهة ثانية، هدّد المستشار القانوني والمحامي الخاص لمشرّف أحمد رضا قاصوري باحتمال لجوء الرئيس إلى حل البرلمان وحل الحكومة إذا أصرّ الائتلاف الحاكم على طرح التعديلات الدستورية أمام البرلمان، فيما كشفت صحيفة «نيوز» الباكستانية عن أنّ زرداري يعتزم مقابلة مشرّف لحثّه على الاستقالة ومطالبته بالتخلّي عن السلطة طوعاً وسلماً، متجاهلاً الضغوط المكثّفة التي تمارسها واشنطن لإقناعه بضرورة العمل مع مشرّف.
وكشف زرداري للصحيفة نفسها عن سعي وفد من الكونغرس الأميركي إلى التوسط بين مشرّف وأحزاب الائتلاف الحكومي، وإقناع الأطراف السياسية بالعمل مع مشرّف، والحيلولة دون التحرك باتجاه التخلّص منه.
ولمّحت الصحيفة إلى أنّ إدارة الرئيس جورج بوش بدأت بالبحث عمن يكون الرئيس المقبل لباكستان إذا أقدم مشرّف على الاستقالة أو أطيح به، ولفتت إلى أنّ وفد الكونغرس سأل السياسيين عن شخص الرئيس المقبل.