هنيّة يبدأ حملة مصالحات داخليّة... والشارع الفلسطيني «متفائل بحذر»
غزة ــ رائد لافي
رام الله ــ أحمد شاكروقرر عباس، أمس، تأليف لجنة من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وممثلين عن الفصائل والقوى الوطنية، لمتابعة تنفيذ قراره بشأن الحوار الوطني. وقال مكتب عباس في رام الله، في بيان، إن اللجنة المذكورة ستجتمع الأسبوع المقبل للاتصال بكل الأطراف المعنية، من أجل مناقشة الآليات التنفيذية لهذا الإعلان ببدء الحوار.
ولاقت دعوة عباس ترحيباً واسعاً من الحكومة المقالة برئاسة إسماعيل هنية، وحركة «حماس»، والفصائل الفلسطينية. وقال هنية «نحن جاهزون للبدء الفوري بالحوار الوطني في أي عاصمة عربية، لإنهاء حال الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية».
وأطلق هنية نداءً لتحقيق مصالحات فلسطينية شعبية على مستوى العائلات والمواطنين عموماً، ولا سيما على مستوى الماديات والجروح والتعويضات، معرباً عن استعداد الحكومة (المقالة) لتوفير الاحتياجات اللازمة لإنجاح هذه المصالحات. ودعا إلى تشجيع الجميع على «الخروج من آلامهم ومساعدتهم في كفكفة دموعهم، ولا سيما البيوت التي فقدت أبناءها وأعزاءها».
وقال هنية «نعيش اليوم مبادرات عديدة وروحاً جديدة للحوار الفلسطيني، ورسالتي هي رسالة الوحدة الوطنية، لذا نريد أن نقيم عرساً في كل منطقة، ونحدث اختراقاً على صعيد الأسر والبيوت حتى لو بقي الخصام السياسي قائماً».
ووصف رئيس المجلس التشريعي بالإنابة أحمد بحر دعوة عباس بـ«التطور الإيجابي»، داعياً حركتي «حماس» و«فتح» إلى بدء حوار وطني فلسطيني شامل بناءً على ما جاء في اتفاق القاهرة ووثيقة الحوار الوطني واتفاق مكة وإعلان صنعاء.
وتمنى المستشار السياسي في وزارة الخارجية في حكومة هنية، أحمد يوسف، أن «يفاجئنا الرئيس أبو مازن بزيارة غزة خلال الأيام المقبلة، ليدرك أن غزة الحاضنة الأمينة لمشروعنا الوطني، وأن إرادة أهلها لم تنكسر رغم الجوع والقهر والحصار». ورأى دعوة عباس إلى لحوار والترحيب الفوري من حركة «حماس» وحكومة هنية بمثابة «عودة الوعي السياسي وتغليب لصوت العقل والحكمة داخل الساحة الفلسطينية، وخطوة لتدشين مشروع المصالحة الوطنية». وقال «نأمل أن يكون هناك جهد عربي وإسلامي يدفع في اتجاه إنجاح مساعي الحوار والمصالحة ودعمها، والعمل على قطع الطريق أمام كل من يحاول إجهاضها».
فصائلياً، قالت حركة «الجهاد الإسلامي» إن «استئناف الحوار الفلسطيني هو انتصار لإرادة التحرير والصمود التي باتت تتعزز يوماً بعد يوم لتثبت زيف مشاريع الشر الصهيو ـــ أميركية وبطلانها». وشددت على أن الحوار الوطني بحاجة إلى خطوات فورية، تبدأ أولاً بأن توقف كل الأطراف حملات التحريض، وإخلاء سبيل كل المعتقلين على خلفية الانتماء السياسي، والشروع بخطوات تعزيز الثقة.
ورأت الجبهتان الديموقراطية والشعبية لتحرير فلسطين وحزب الشعب، في بيان مشترك، دعوة الحوار بأنها «خطوة مهمة بالاتجاه الصحيح». ودعت «جميع الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية، وخاصة فتح وحماس، إلى الاستجابة الجادة والمسؤولة لدعوة الرئيس أبو مازن»، مشيرةً إلى أن «الحوار الشامل هو السبيل للخروج من الأزمة الداخلية الخطيرة، وإنهاء الانقسام الذي لا يستفيد منه سوى العدو الإسرائيلي».
وطالبت القوى الثلاث الفلسطينيين ومؤسسات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والاجتماعية بالتحرك «الموحد الضاغط على جميع مراكز القرار الوطني، للاستجابة لمبادرة الحوار الوطني الشامل»، داعية الجامعة العربية وأمينها العام للتحرك العاجل لتوفير المظلة العربية لرعاية الحوار الوطني الشامل، وتوفير كل ممكنات نجاحه.
ووصف المحلل السياسي، طلال عوكل، دعوة عباس إلى الحوار وتفعيل المبادرة اليمنية بالدعوة «الجادة التي جاءت في ظل فترة سياسية عصيبة، تمثلت معالمها بالحصار الإسرائيلي المشدد، والعدوان العسكري المتواصل على القطاع». وقال إن دعوة عباس «مثّلت رسالة لتذكير الإدارة الأميركية وحكومة (إيهود) أولمرت بضرورة اتخاذ خطوات جدية لدفع عملية السلام».
ورأى عوكل أن الترحيب الفوري من حكومة هنية وحركة «حماس» لا يعني موقفاً نهائياً، معرباً عن خشيته من العودة إلى الجدل والمماطلة بشأن كيفية التعاطي مع المبادرة اليمنية والاختلاف على تفسيرها كإطار للحوار أو التنفيذ.
شعبياً، تباينت مواقف الشارع الفلسطيني في غزة بشأن دعوة الحوار، بين التفاؤل والتفاؤل الحذر، والخشية من الفشل كما حدث في مرات كثيرة سابقة. وأعرب الصحافي أشرف مطر عن تفاؤله، مشيراً إلى أن الدعوة جاءت في توقيت مناسب، وخاصة مع اقتراب ذكرى مرور عام على الانقسام الداخلي.
ودعا مطر حكومة هنية إلى التجاوب مع دعوة أبو مازن، والبدء الفوري بفتح صفحة جديدة عنوانها إنهاء حال الانقسام، لافتاً إلى أن ما مر به الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في غزة على مدار عام، يستدعي من الجميع تغليب لغة العقل والمصلحة الوطنية العليا.
لكن أحمد (33 عاماً)، وهو محاسب في أحد المصارف المحلية، يخالف مطر في شعور التفاؤل إزاء نجاح دعوة الحوار. وقال «مللنا كثيراً الكلام والمبادرات الفارغة»، مشدداً على أن طرفي الصراع لا يهمهما مصلحة الشعب الفلسطيني الذي أرهقه الانقسام والحصار، بقدر حرصهما على مصالحهما الحزبية الضيقة.


دمشق ترحّب وواشنطن لا تعارض
دمشق ـ الأخبار
أعربت سوريا، أمس، عن ارتياحها لدعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الحوار الفلسطيني وترحيب حركة «حماس» بها. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، في بيان، إن سوريا «تحثّ الطرفين على استئناف الحوار الفلسطيني ـــ الفلسطيني على أساس إعلان صنعاء والمبادرة اليمنية وقرار القمة العربية في دمشق». وأعرب عن استعداد سوريا «بصفتها رئيسة القمة العربية، للمساعدة في تحقيق هذا الحوار وإنجاحه، صوناً للحقوق الوطنية الفلسطينية».
ومن المتوقع، حسبما علمت «الأخبار» من مصادر فلسطينية، أن يقوم عباس بزيارة عمل إلى دمشق قبل نهاية الشهر الجاري للاجتماع بقادة الفصائل، وبينهم رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل.
في هذا الوقت (أ ف ب)، أعرب البيت الأبيض عن عدم معارضته دعوة الرئيس الفلسطيني إجراء حوار مع حركة «حماس». وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، دانا بيرينو، إن عباس أطلق هذه المبادرة بناءً على الاتفاق الذي تم بوساطة يمنية في آذار الماضي. وأوضحت «لم نعترض على الاتفاق اليمني، وحسب علمي فإن دعوة عباس هي خطوة تالية لذلك، وعلى حماس (أن تفي) ببعض الالتزامات بموجب الاتفاق قبل أن إجراء هذه المحادثات، وتكون مثمرة».